الميت ولا يصل ثوابه إليه لقول الله تعالى (وأن ليس للانسان الا ما سعى) وقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا مات ابن آدم انقطع عمله الا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له " ولان نفعه لا يتعدى فاعله يتعداه فلا ثوابه. وقال بعضهم إذا قرئ القرآن عند الميت أو أهدي إليه ثوابه كان الثواب لقارئه ويكون الميت كأنه حاضرها فترجى له الرحمة ولنا ما ذكرناه وانه اجماع المسلمين فإنهم في كل عصر ومصر يجتمعون ويقرأون القرآن ويهدون ثوابه إلى موتاهم من غير نكير، ولان الحديث صح عن النبي صلى الله عليه وسلم " ان الميت يعذب ببكاء أهله عليه " والله أكرم من أن يوصل عقوبة المعصية إليه ويحجب عنه المثوبة، والآية مخصوصة بما سلموه فيقاس عليه ما اختلفنا فيه لكونه في معناه ولا حجة لهم في الخبر الذي احتجوا به لأنه إنما دل على انقطاع عمله، وليس هذا من عمله فلا دلالة عليه فيه، ولو دل عليه كان مخصوصا بما سلموه فيتعدى إلى ما منعوه، وما ذكروه من المعنى غير صحيح، فإن تعدي الثواب ليس بفرع لتعدي النفع ثم هو باطل بالصوم والدعاء والحج وليس له أصل يعتبر به والله أعلم (1) * (مسألة) * (ويستحب أن يصلح لأهل الميت طعاما يبعث إليهم ولا يصلحون هم طعاما للناس) لما روى عبد الله بن جعفر قال: لما جاء نعي جعفر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم أمر شغلهم " رواه أبو داود. ويروى عن عبد الله بن أبي بكر أنه قال: فما زالت السنة فينا حتى تركها، من تركها ولان أهل الميت ربما اشتغلوا بمصيبتهم وبمن يأتي إليهم عن اصلاح طعام لهم ولان فيه جبرا لقلوبهم. فأما لصلاح أهل الميت طعاما للناس فمكروه لأنه زيادة على مصيبتهم وشغلا لهم إلى شغلهم، وتشبيها بصنيع أهل الجاهلية، وقد روي أن جريرا وفد على عمر فقال: هل يناح على ميتكم قال لا. قال فهل يجتمعون عند أهل الميت ويجعلون الطعام؟ قال نعم. قال ذلك النوح.
وإن دعت الحالة إلى ذلك جاز فإنه ربما جاءهم من يحضر ميتهم من أهل القرى البعيدة ويبيت عندهم فلا يمكنهم إلا أن يطعموه (فصل) (ويستحب للرجال زيارة القبور، وهل يكره للنساء على روايتين) لا نعلم خلافا بين أهل العلم في استحباب زيارة الرجال القبور. قال علي بن سعيد قلت لأحمد