يكبه لوجهه فيغسل الظهر وما هناك من وركه وفخذه وساقه ثم يعود فيحرفه على جنبه الأيمن ويغسل شقه الأيسر كذلك، هكذا ذكره إبراهيم النخعي والقاضي وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم " ابدأن بميامنها " وهو أشبه بغسل الحي (فصل) والواجب غسلة واحدة لأنه غسل واجب من غير نجاسة أصابته فكان مرة واحده كغسل الجنابة. قال عطاء: يجزيه غسلة واحدة ان نقوه، وقد روي عن أحمد أنه قال: لا يعجبني إن غسل واحدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال " اغسلنها ثلاثا أو خمسا " وهذا على سبيل الكراهة دون الاجزاء لما ذكرنا، ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال في المحرم " اغسلوه بماء وسدر " ولم يذكر عددا (فصل) والحائض والجنب إذا ماتا كغيرهما في الغسل، قال ابن المنذر هذا قول من نحفظ عنه من علماء الأمصار، وقد قال الحسن وسعيد بن المسيب: ما مات ميت الا جنب، وقيل عن الحسن انه يغسل الجنب للجنابة والحائض للحيض ثم يغسلان للموت، والأول أولى لأنهما خرجا من أحكام التكليف ولم يبق عليهما عبادة واجبة، وإنما الغسل للميت تعبد وليكون في حال خروجه من الدنيا على أكمل حال من النظافة وهذا يحصل بغسلة واحدة ولان الغسل الواحد يجزي من وجد في حقه شيئان كالحيض والجنابة كذا هذا (فصل) وقال بعض أصحابنا: يتخذ الغاسل ثلاث أواني آنية كبيرة يجمع فيه الماء الذي يغسل به الميت تكون بالبعد منه، وإناءين صغيرين يطرح من أحدهما على الميت والثالث يغرف به من الكبير في الصغير الذي يغسل به الميت ليكون الكبير مصونا، فإذا فسد الماء الذي في الصغير وطار فيه من رشاش الماء كان ما بقي في الكبير كافيا، ويستعمل في كل أموره الرفق به في تقليبه وعرك أعضائه وعصر بطنه وتليين مفاصله وفي سائر أموره احتراما له فإنه مشبه بالحي في حرمته ولا يأمن ان عنف به أن ينفصل منه عضو فيكون مثلة به وقد قال صلى الله عليه وسلم " كسر عظم الميت ككسر عظم الحي " وقال " ان الله يحب الرفق في الامر كله "
(٣٢٢)