الاخذ بذلك وفاء دينه، قلنا الفرق بينهما من وجهين: أحدهما لن حق الزوجة في النفقة آكد من حق الغريم بدليل ان نفقة المرأة مقدمة في مال المفلس على وفاء دينه وانها تملك أخذها من ماله بغير علمه إذا امتنع من أدائها. والثاني ان المرأة تنبسط في مال زوجها بحكم العادة ويعد مال كل واحد منهما مالا للآخر. ولهذا قال ابن مسعود في عبد سرق مرآة امرأة سيده: عبدكم سرق مالكم، ولم يقطعه وروى ذلك عن عمر. والرواية الثانية يجوز للمرأة دفع زكاتها إلى زوجها وهو مذهب الشافعي وابن المنذر وطائفة من أهل العلم لأن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت يا رسول الله انك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندي حلي لي فأردت أن أتصدق به فزعم ابن مسعود انه هو وولده أحق من تصدقت عليهم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم " صدق ابن مسعود زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم " رواه البخاري ولأنه لا تجب نفقته فلم يمنع دفع الزكاة إليه كالأجنبي، وبهذا فارق الزوجة فإن نفقتها واجبة عليه ولان الأصل جواز الدفع إلى الزوج لدخوله في عموم الأصناف المسمين في الزكاة وليس في المنع نص ولا اجماع وقياسه على من يثبت المنع في حقه لا يصح لوضوح الفرق بينهما فيبقى جواز الدفع ثابتا والاستدلال بهذا أقوى من الاستدلال بحديث ابن مسعود لأنه في صدقة التطوع لقولها أردت أن أتصدق بحلي لي ولا تجب الصدقة بالحلي وقول النبي صلى الله عليه وسلم " زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم " والولد لا تدفع إليه الزكاة (فصل) وهل يجوز دفع الزكاة إلى بني المطلب على روايتين: إحداهما ليس لهم ذلك نقلها عنه عبد الله بن أحمد وغيره لقول النبي صلى الله عليه وسلم " أنا وبنو المطلب لم نفترق في جاهلية ولا اسلام إنما نحن وهم شئ واحد " وفي لفظ رواه الشافعي في مسنده " إنما بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد " وشبك بين أصابعه ولأنهم يستحقون من خمس الخمس فمنعوا من الزكاة كبني هاشم. وقد أكد ذلك ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم علل منعهم من الصدقة باستغنائهم عنها بخمس الخمس فقال " أليس في خمس الخمس ما يغنيكم " والرواية الثانية لهم الاخذ منها وهو قول أبي حنيفة لدخولهم في عموم الصدقات لكن خرج بنو هاشم لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ان الصدقة لا تنبغي لآل محمد " فوجب أن يختص المنع بهم ولا يصح قياسهم على بني هاشم لأن بني هاشم أقرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأشرف وهم آل النبي صلى الله عليه وسلم ومشاركة بني المطلب لهم في خمس الخمس ما استحقوه بمجرد القرابة بدليل ان بني عبد شمس وبنى نوفل يساوونهم في القرابة ولم يعطوا شيئا وإنما شاركوهم بالنصرة أو بهما جميعا والنصرة لا تقتضي منع الزكاة
(٧١٤)