إلا للولي إذا كان غائبا ولا يصلى على القبر إلا كذلك، ولو جاز ذلك لصلي على قبر النبي صلى الله عليه وسلم في جميع الأعصار ولنا ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا مات فقال " فدلوني على قبره " فأتى قبره فصلى عليه متفق عليه. وعن ابن عباس انه مر مع النبي صلى الله عليه وسلم بقبر منبوذ فأمهم وصلوا خلفه قال أحمد ومن يشك في الصلاة على القبر يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من ستة وجوه كلها حسان، ولان غير الولي من أهل الصلاة فسنت له الصلاة كالولي وإنما لم يصل على قبر النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يصلى على القبر بعد شهر (فصل) ولا يصلى على القبر بعد شهر ويصلى قبله وبهذا قال بعض أصحاب الشافعي. وقال بعضهم يصلى عليه أبدا واختاره ابن عقيل لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على شهداء أحد بعد ثماني سنين حديث صحيح. وقال بعضهم يصلى عليه ما لم يبل جسده، وقال أبو حنيفة يصلي عليه الولي خاصة إلى ثلاث. وقال إسحق يصلي عليه الغائب إلى شهر والحاضر إلى ثلاث ولنا ما روى سعيد بن المسيب ان أم سعد ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم غائب فلما قدم صلى عليها وقد مضى لذلك شهر. قال أحمد: أكثر ما سمعت ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى على أم سعد ابن عبادة بعد شهر، ولأنها مدة يغلب على الظن بقاء الميت أشبهت الثلاثة أو كالغائب، وتجويز الصلاة عليه مطلقا باطل بأن قبر النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلى عليه الآن اجماعا، وكذلك التحديد ببلى الميت لكونه عليه السلام لا يبلى، فإن قيل فالخبر دل على الصلاة بعد شهر فكيف منعتموه.
قلنا تحديده بالشهر يدل على أن صلاته عليه الصلاة والسلام كانت عند رأس الشهر ليكون مقاربا للحد وتجوز الصلاة بعد الشهر قريبا منه لدلالة الخبر عليه، ولا يجوز بعد ذلك لعدم وروده فيه (فصل) ومن صلى عليها مرة فلا تسن له إعادة الصلاة عليها، وإذا صلى على الجنازة لم توضع لاحد يصلي عليها ويبادر بدفنها. قال القاضي الا أن يرجى مجئ الولي فتؤخر الا أن يخاف تغيره، وقال ابن عقيل لا ينتظر به أحدا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في طلحة بن البراء " عجلوا به فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله " وأما من أدرك الجنازة ممن لم يصل فله أن يصلي عليها فعله علي وأنس وسلمان بن ربيعة وأبو حمزة رضي الله عنهم (فصل) ويصلى على القبر وتعاد عليه الصلاة جماعة وفرادى نص عليهما أحمد. وقال وما بأس بذلك قد فعله عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي حديث ابن عباس قال: انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبر رطب فصفوا خلفه فكبر أربعا. متفق عليه * (مسألة) * (ويصلى على الغائب بالنية فإن كان في أحد جانبي البلد لم تصح عليه بالنية في أصح الوجهين)