يا أبا محمد أبا لسيف تخوف ابن أبي طالب أما والله ليعاجلنك السيف فقال ذلك بيننا وبينكم.
قال فانصرفت عنهما إلى عائشة وهي في هودج وقد دفف بالدروع على جملها (عسكر) وكعب بن شور القاضي أخذ بخطامه وحولها الأزد وضبة فلما رأتني قالت ما الذي جاء بك يا ابن عباس؟ والله لا سمعت منك شيئا ارجع إلى صاحبك وقل له ما بيننا وبينك إلا السيف وصاح من حولها ارجع يا ابن عباس لئلا يسفك دمك.
فرجعت إلى أمير المؤمنين (ع) فأخبرته الخبر وقلت ما تنتظر والله لا يعطيك القوم إلا السيف فاحمل عليهم قبل أن يحملوا عليك.
فقال (ع) نستظهر بالله عليهم قال ابن عباس فوالله ما رمت من مكاني حتى طلع علي نشابهم كأنه جراد منتشر فقلت ما ترى يا أمير المؤمنين إلى ما يصنع القوم مرنا ندفعهم فقال حتى أعذر إليهم ثانية ثم قال من يأخذ هذا المصحف فيدعوهم إليه وهو مقتول وأنا ضامن له على الله الجنة فلم يقم أحد إلا غلام عليه قباء أبيض حدث السن من عبد القيس يقال له مسلم كأني أراه فقال أنا أعرضه يا أمير المؤمنين عليهم وقد احتسبت نفسي عند الله فأعرض عنه إشفاقا ونادى ثانية: من يأخذ هذا المصحف ويعرضه على القوم وليعلم أنه مقتول وله الجنة فقال مسلم بعينه وقال أنا أعرضه ونادى ثالثة ولم يقم غير الفتى فدفع المصحف إليه وقال إمض إليهم واعرضه عليهم وادعهم إلى ما فيه فأقبل الغلام حتى وقف بإزاء الصفوف ونشر المصحف وقال هذا كتاب الله وأمير المؤمنين يدعوكم إلى ما فيه.
فقالت عائشة اشجروه بالرماح فقبحه الله فتبادروا إليه بالرماح فطعنوه من كل جانب وكانت أمه حاضرة فصاحت وطرحت نفسها عليه وجرته من موضعه ولحقها جماعة من عسكر أمير المؤمنين (ع)