العوي (1) فضم إليه عشرة آلاف رجل من أهل الشام وأمره بالدخول إلى بلاد أرمينية لمحاربة من بها من الخزر وأصناف الكفار.
قال: فسار عبد الله (2) بن أبي شيخ في جيشه ذلك حتى دخل بلاد أرمينية، وعلم أهل البلد بذلك، فاجتمعوا على المسلمين في خلق كثير يزيدون على مائة ألف، فقتلوهم عن آخرهم حتى ما انفلت منهم أحد، ثم احتووا على أموالهم وأسلحتهم، وما كان لهم من شيء فأخذوه.
قال: وبلغ ذلك محمد بن مروان، فاغتم لما قد نزل بالمسلمين وضاق به الأمر، ثم نادى في الناس وسار بنفسه في أربعين ألفا، حتى إذا توسط بلاد أرمينية اجتمعت الروم والأرمن في جمع عظيم، فقاتلهم محمد بن مروان أشد القتال حتى خشي الفضيحة والغلبة لكثرة ما اجتمع عليه من الكفار، ثم إن الله تعالى هزم المشركين وأمكن بالمسلمين من أكنافهم، فقتلوا منهم بشرا كثيرا وسبوهم، واحتووا على بلادهم وأموالهم. قال: ثم أرسل محمد بن مروان بعد ذلك إلى ساحاتهم وأحرارهم (3) فوعدهم من نفسه الرضا وأنه يعطيهم ما يريدون ويولي عليهم من يحبون، فلم يزل كذلك حتى اطمأنوا إليه ووثقوا بناحيته ثم اجتمعوا إليه، فصالحهم على أمر من الأمور أرضاهم به، ثم قال: إني لست أثق بكم ولكن ادخلوا إلى كنائسكم هذه واحلفوا لي فيها بما أخلفكم أنكم لا تغدرون! ثم أعطوني بعد ذلك الرهائن وانصرفوا إلى بلادكم! قال: فأجابوه إلى ذلك، ثم دخلوا الكنائس ليحلفوا، فلما علم أنهم صاروا بأجمعهم في الكنائس أمر بأبوابها فأغلقت عليهم، ثم ضربت الكنائس وما فيها بالنار والنفط، فسميت تلك الكنائس المحترقة إلى يومنا هذا (4).
قال: ثم دعا محمد بن مروان بابن أخيه مسلمة بن عبد الملك فضم إليه جيشا وأمره بالمسير إلى مدينة الباب لمحاربة الخزر الذين بها، وبها يومئذ نيف على ثمانين ألفا من الخزر، قال: فسار مسلمة في جيشه ذلك حتى نزل على مدينة الباب،