الخلاف في معناه، لا بشرط القطع، فعند الشافعي ومالك وأحمد: لا يجوز، وعندنا: إن كان بحال لا ينتفع به في الاكل ولا في علف الدواب فيه خلاف بين المشايخ. قيل: لا يجوز، ونسبه قاضيخان لعامة مشايخنا، والصحيح أنه يجوز لأنه مال منتفع به في ثاني الحال إن لم يكن منتفعا به في الحال، والحيلة في جوازه باتفاق المشايخ أن يبيع الكمثري أول ما تخرج مع أوراق الشجر فيجوز فيها تبعا للأوراق كأنه ورق كله، وإن كان بحيث ينتفع به ولو علفا للدواب فالبيع جائز باتفاق أهل المذهب إذا باع بشرط القطع أو مطلقا ا ه. قوله: (لا يصح في ظاهر المذهب) قال في الفتح: ولو اشتراها مطلقا: أي بلا شرط قطع أو ترك فأثمرت ثمرا آخر قبل القبض فسد البيع، لأنه لا يمكنه تسليم المبيع لتعذر التمييز فأشبه هلاكه قبل التسليم، ولو أثمرت بعد القبض يشتركان فيه للاختلاط، والقول قول المشتري في مقداره مع يمينه، لأنه في يده، وكذا في بيع الباذنجان والبطيخ إذا حدث بعد القبض خروج بعضها اشتركا كما ذكرنا ا ه. ومقتضاه أنها لو أثمرت بعد القبض يصح في البيع في الموجود وقت البيع، فإطلاق المصنف تبعا للزيلعي محمول على ما إذا باع الموجود والمعدوم كما يفيده ما يأتي عن الحلواني، وما ذكره في الفتح من التفصيل محمول على ما إذا باع الموجود فقط، وعلى هذا فقول الفتح عقب ما قدمناه عنه: وكان الحلواني يفتي بجوازه في الكل الخ، لا يناسب التفصيل الذي ذكره، لأنه لا وجه لجواز البيع في الكل إذا وقع البيع على الموجود فقط، فاغتنم هذا التحرير. قوله: (وأفتى الحلواني بالجواز) وزعم أنه مروي عن أصحابنا، وكذا حكي عن الامام الفضلي، وقال: استحسن فيه لتعامل الناس وفي نزع الناس عن عادتهم حرج. قال في الفتح: وقد رأيت رواية في نحو هذا عن محمد في بيع الورد على الأشجار، فإن الورد متلاحق، وجوز البيع في الكل وهو قول مالك ا ه. قال الزيلعي: وقال شمس الأئمة السرخسي: والأصح أنه لا يجوز، لان المصير إلى مثل هذه الطريقة عند تحقق الضرورة ولا ضرورة هنا، لأنه يمكنه أن يبيع الأصول على ما بينا، أو يشتري الموجود ببعض الثمن، ويؤخر العقد في الباقي إلى وقت وجوده أو يشتري الموجود بجميع الثمن، ويبيح له الانتفاع بما يحدث منه، فيحصل مقصودهما بهذا الطريق، فلا ضرورة إلى تجويز العقد في المعدوم مصادما للنص. وهو ما روى أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع ما ليس عند الانسان ورخص في السلم ا ه.
قلت: لكن لا يخفى تحقق الضرورة في زماننا، ولا سيما في مثل دمشق الشام كثيرة الأشجار والثمار، فإنه لغلبة الجهل على الناس لا يمكن إلزامهم بالتخلص بأحد الطرق المذكورة، وإن أمكن ذلك بالنسبة إلى بعض أفراد الناس لا يمكن بالنسبة إلى عامتهم وفي نزعهم عن عادتهم حرج كما علمت، ويلزم تحريم أكل الثمار في هذه البلدان إذ لا تباع إلا كذلك، والنبي (ص) إنما رخص في السلم للضرورة مع أنه بيع المعدوم، فحيث تحققت الضرورة هنا أيضا أمكن إلحاقه بالسلم بطريق الدلالة، فلم يكن مصادما للنص، فلذا جعلوه من الاستحسان، لان القياس عدم الجواز، وظاهر كلام الفتح الميل إلى الجواز، ولذا أورد له الرواية عن محمد، بل تقدم أن الحلواني رواه عن أصحابنا، وما ضاق الامر إلا اتسع، ولا يخفى أن هذا مسوغ للعدول عن ظاهر الرواية كما يعلم من رسالتنا المسماة نشر العرف في بناء بعض الأحكام على العرف فراجعها. قوله: (لو الخارج أكثر)