لو كان نقد الثمن لبائعه، وإلا فلا إلا بإذن بائعه، تأمل. قوله: (اشترى مكيلا الخ) قيد بالشراء لأنه لو ملكه بهبة أو إرث أو وصية جاز التصرف فيه قبل الكيل والمطلق من المبيع ينصرف إل الكامل، وهو الصحيح منه حتى لو باع ما اشتراه فاسدا بعد قبضه مكايلة لم يحتج المشتري الثاني إلى إعادة الكيل.
قال أبو يوسف: لان البيع الفاسد يملك بالقبض كالقرض. قوله: (أي كره تحريما) فسر الحرمة بذلك، لان النهي خبر آحاد لا يثبت به الحرمة القطيعة، وهو ما أسنده ابن ماجة عن جابر رضي الله تعالى عنه أنه (ص) نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان: صاع البائع، وصاع المشتري وبقولنا أخد مالك والشافعي وأحمد، وحين علله الفقهاء بأنه من تمام القبض ألحقوا بمنع البيع منع الاكل قبل الكيل والوزن وكل تصرف يبنى على الملك كالهبة والوصية وما أشبههما، ولا خلاف في أن النص محمول على ما إذا وقع البيع مكايلة، فلو اشتراه مجازفة له التصرف فيه قبل الكيل، وإذا باعه مكايلة يحتاج إلى كيل واحد للمشتري. وتمامه في الفتح. قوله: (وقد صرحوا بفساده) صرح محمد في الجامع الصغير بما نصه محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة قال: إذا اشتريت شيئا مما يكال أو يوزن أو يعد، فاشتريت ما يكال كيلا وما يوزن وزنا وما يعد فلا تبعه حتى تكيله وتزنه وتعده، فإن بعته قبل أن تفعل وقد قبضته فالبيع فاسد في الكيل والوزن ا ه ط.
قلت: وظاهره أن الفاسد هو البيع الثاني وهو بيع المشتري قبل كيله، وأن الأول وقع صحيحا لكنه يحرم عليه التصرف فيه من أكل أو بيع حتى يكيله، فإذا باعه قبل كيله وقع البيع الثاني فاسدا لما مر من أن العلة كون الكيل من تمام القبض، فإذا باعه قبل كيله فكأنه باع قبل القبض، وبيع المنقول قبل قبضه لا يصح، فكانت هذه المسألة من فروع التي قبلها، فلذا أعقبها بها قبل ذكر التصرف في الثمن، والتحقيق أن يقال: إذا ملك زيد طعاما ببيع مجازفة أو بإرث ونحوه، ثم باعه من عمرو مكايلة سقط هنا صاع البائع، لان ملكه الأول لا يتوقف على الكيل، وبقي الاحتياج إلى كيل للمشتري فقط فلا يصح بيعه من عمرو بلا كيل، فهنا فسد البيع الثاني فقط، ثم إذا باعه عمرو من بكر لا بد من كيل آخر لبكر، فهنا فسد البيع الأول والثاني لوجود العلة في كل منهما. قوله: (كما بسطه الكمال) حيث قال: ونص في الجامع الصغير على أنه لو أكله، وقد قبضه بلا كيل لا يقال إنه أكل حراما، لأنه أكل ملك نفسه، إلا أنه آثم لتركه ما أمر به من الكيل، فكان هذا الكلام أصلا في سائر المبيعات بيعا فاسدا إذا قبضها فملكها ثم أكلها، وتقدم أنه لا يحل أكل ما اشتراه شراء فاسدا، وهذا يبين أن ليس كل ما لا يحل أكله أن يقال فيه أكل حراما ا ه ما في الفتح.
وحاصله: أنه إذا حرم الفعل وهو الاكل لا يلزم منه أن يكون أكل حراما، لأنه قد يكون المأكول حراما كالميتة وملك الغير، وقد لا يكون حراما كما هنا، وكالمشري فاسدا بعد قبضه لأنه ملكه، ومثله ما لو دخل دار الحرب بأمان وسرق منهم شيئا وأخرجه إلى دارنا ملكه خبيثا ويجب عليه رده عليهم، وكذا لو غصب شيئا واستهلكه بخلط ونحوه حتى ملكه ولم يؤد ضمانه يحرم عليه التصرف فيه بأكل ونحوه وإن كان ملكه. قوله: (والمعدود) أي الذي لا تتفاوت آحاده كالجوز والبيض. فتح. وعن الامام أنه يجوز في المعدود قبل العد، وهو قولهما، كذا في السراج، والأول هو