الثاني قوله: فيملكها عند محمد مع أنها جائزة عند الامام أيضا، فما وجه التخصيص بقول محمد.
الثالث ترتب عدم الضمان على كونه يملكها، مع قولهم تصح عندهما وضمن لموكله فهو صريح في الضمان مع كونها صحيحة. وصريح كلام الظهيرية وإطلاقه يفيد صحة إقالة وكيل البيع مطلقا قبل قبض الثمن وبعده. ثم رأيت في جامع الفتاوى والبزازية ما صورته: والوكيل بالمبيع يملك الإقالة بخلاف الوكيل بالشراء، يستوي أن تكون الإقالة قبل القبض أو بعده، فتأمله مع ما في الظهيرية، ومع ما في جامع الفصولين. والظاهر أن معنى قوله في الظهيرية: فيملكها في قول محمد: أي على الموكل فيعود المبيع أي ملكه معنى قوله في الفصولين: الوكيل لو قبض الثمن لا يملك الإقالة إجماعا: أي على الموكل فلا يعود المبيع إلى ملكه وتصح الإقالة عليه فيضمن، وبهذا يحصل التوفيق ويتضح الامر، وقد ذكر في البحر أول الإقالة فرعا لطيفا عن القنية فيه دلالة على صحة التوفيق المذكور، فراجعه.
فتحصل أن إقالته تصح عند الامام قبل القبض وبعده ويضمن، وعند محمد: يملكها قبله على الموكل، فتصح ولا يضمن، وبعده تصح ويضمن. وعند أبي يوسف: لا تصح مطلقا ولا يضمن اه كلام الخير الرملي.
قلت: وهو توفيق لطيف، لكن ذكر في الباب العاشر من بيوع البزازية إقالة الوكيل بالبيع جائزة عند الامام ومحمد ا ه. ومثله في القنية وزاد: أن المعنى فيه كون إقالته تسقط الثمن عن المشتري عندهما، ويلزم المبيع الوكيل، وعند أبي يوسف: لا تسقط الثمن عن المشتري أصلا ا ه. ولعل ما في الظهيرية رواية عن محمد ويؤيده ما في وكالة كافي الحاكم الشهيد: لو وكل رجل رجلا ببيع خادم له فباعها ثم أقال البائع البيع فيها لزمه المال والخادم له، وكذلك لو لم يكن قبضها المشتري حتى أقاله من عيب أو من غير عيب ا ه. فهذا نص المذهب، ومقتضاه أنه قول أئمتنا الثلاثة لكونه لم يذكر فيه خلافا، وظاهره أنه لا فرق بين كونه قبل قبض الثمن أو بعده، وهو الوجه لان الإقالة بيع جديد في حق ثالث وهو الموكل هنا، فإذا أقال البائع بلا إذنه لا يصير مشتريا له إذ لا يملك ذلك عليه، بل صار البائع مشتريا لنفسه إذ الشراء متى وجد نفاذا لا يتوقف، وبه يظهر وجه الفرع الذي ذكره في البحر عن القنية، وهو قوله: باعت ضيعة مشتركة بينها وبين ابنها البالغ وأجاز الابن البيع ثم أقالت وأجاز الابن الإقالة ثم باعتها ثانيا بغير إجازته يجوز، ولا يتوقف على إجازته، لان بالإقالة يعود المبيع إلى ملك العاقد لا إلى ملك الموكل والمجيز ا ه. أي أنها بإجازة ابنها البيع الأول صارت وكيلة عنه فيه، ثم صارت بالإقالة مشتريه لنفسها فلذا نفذ بيعها الثاني بلا إجازة، ويظهر مما ذكرنا أن إقالة المتولي أو الوصي البيع فيما تقدم تصح عليه ويضمن، فاغتنم تحرير هذا المحل. قوله: (قيل وبالسلم) أي عند أبي يوسف قال في جامع الفصولين: الوكيل بالسلم لو قبض أدون مما شرط صح، وضمن لموكله ما شرط عند أبي حنيفة ومحمد، وكذا لو أبرأ عن السلم أو وهبه قبل قبضه أو أقاله أو احتال به صح، وضمن عندهما، ولم يجز عند أبي يوسف. قوله: (ولا إقالة في نكاح الخ) أي لعدم قبول الفسخ بخيار. قوله: (للحديث) هو قوله (ص): من أقال مسلما بيعته أقال الله عثرته. أخرجه أبو داود، وزاد ابن ماجة: يوم القيامة ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم وقال: على شرط الشيخين،