لم يرجع فكذا إذا عوض الأجنبي بأمره وان عوض بغير أمره فقد تبرع باسقاط الحق عنه والتبرع باسقاط الحق عن الغير جائز كما لو تبرع بمخالعة امرأة من زوجها (وأما) المعوض فإنه لا يرجع على الواهب لان مقصوده من التعويض سلامة الموهوب للموهوب له واسقاط حق التبرع قد سلم له ذلك وإنما لم يرجع على الموهوب له (اما) إذا كان بغير أمره فلانه تبرع باسقاط الحق عنه فلا يملك أن يجعل ذلك مضمونا عليه (وأما) إذا عوض بأمره لا يرجع عليه أيضا الا إذا قال له عوض عنى على أنى ضامن لأنه إذا أمره بالتعويض ولم يضمن له فقد أمره بما ليس بواجب عليه بل هو متبرع به فلم يوجب ذلك الضمان على الآمر الا بشرط الضمان وعلى هذا قالوا فيمن قال لغيره أطعم عن كفارة يميني أو أد زكاتي ففعل لا يرجع بذلك على الآمر الا أن يقول له على أنى ضامن لأنه أمره بما ليس بمضمون عليه بخلاف ما إذا أمره غيره بقضاء الدين فقضاه انه يرجع على الآمر وان لم يقل على أنى ضامن نصا لان قضاء الدين مضمون على الآمر فإذا أمره به فقد ضمن له ولو عوض الموهوب له الواهب عن نصف الهبة كان عوضا عن نصفها وكان للواهب أن يرجع في النصف الآخر ولا يرجع فيما عوض عنه لان حق الرجوع في الهبة مما يتجزأ ألا ترى انه لو رجع في نصف الهبة ابتداء دون النصف جاز فجاز أن يثبت حق الرجوع في النصف بدون النصف بخلاف العفو عن القصاص والطلاق لان ذلك مما لا يتجزأ فكان اسقاط الحق عن البعض اسقاطا عن الكل (وأما) العوض المشروط في العقد فان قال وهبت لك هذا الشئ على أن تعوضني هذا الثوب فقد اختلف في ماهية هذا العقد قال أصحابنا الثلاثة رضي الله عنهم ان عقده عقد هبة وجوزه جواز بيع وربما عبروا انه هبة ابتداء بيع انتهاء حتى لا يجوز في المشاع الذي ينقسم ولا يثبت الملك في كل واحد منهما قبل البض ولكل واحد منهما أن يرجع في سلعته ما لم يقبضا وكذا إذا قبض أحدهما ولم يقبض الاخر فلكل واحد منهما أن يرجع القابض وغير القابض فيه سواء حتى يتقابضا جميعا ولو تقابضا كان ذلك بمنزلة البيع ويرد كل واحد منهما بالعيب وعدم الرؤية ويرجع في الاستحقاق وتجب الشفعة إذا كان غير منقول وقال زفر رحمه الله عقده عقد يبع وجوازه جواز بيع ابتداء وانتهاء وتثبت فيه أحكام البيع فلا يبطل بالشيوع ويفيد الملك بنفسه من غير شريطة القبض ولا يملكان الرجوع (وجه) قوله إن معنى البيع موجود في هذا العقد لان البيع تمليك العين بعوض وقد وجد الا انه اختلف العبارة واختلافها لا يوجب اختلاف الحكم كلفظ البيع مع لفظ التمليك (ولنا) انه وجد في هذا العقد لفظ الهبة ومعنى البيع فيعطى شبه العقدين فيعتبر فيه القبض والحيازة عملا بشبه الهبة ويثبت فيه حق الرد بالعيب وعدم الرؤية في حق الشفعة عملا بشبه البيع عملا بالدليلين بقدر الامكان والله عز وجل أعلم (ومنها) ما هو في معنى العوض وهو ثلاثة أنواع الأول صلة الرحم المحرم فلا رجوع في الهبة لذي رحم محرم من الواهب وهذا عندنا وقال الشافعي رحمه الله يرجع الوالد فيما يهب لولده احتج بما روينا عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال لا يحل لواهب أن يرجع في هبته الا الوالد فيما يهب لولده وهذا نص في الباب (ولنا) ما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها أي لم يعوض وصلة الرحم عوض معنى لان التواصل سبب التناصر والتعاون في الدنيا فيكون وسيلة إلى استيفاء النصرة وسبب الثواب في الدار الآخرة فكان أقوى من المال وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال اتقوا الله وصلوا الأرحام فإنه أبقى لكم في الدنيا وخير لكم في الدار الآخرة فدخل تحت النص وروى عن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه قال من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع فيها وهذا نص في الباب والحديث محمول على النهى عن شراء الموهوب لكنه سماه رجوعا مجازا لتصوره بصورة الرجوع كما روى أن سيدنا عمر رضي الله عنه تصدق بفرس له على رجل ثم وجده يباع في السوق فأراد أن يشتريه فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال لا تعد في صدقتك وسيدنا عمر رضي الله عنه قصد الشراء لا العود في الصدقة لكن سماه عودا لتصوره بصورة العود وهو نهى ندب لان الموهوب له يستحى فيسامحه في ثمنه فيصير كالراجع في بعضه والرجوع مكروه وهذا
(١٣٢)