وأما العين المضمونة فنوعان نوع هو مضمون بنفسه وهو الذي يجب مثله عند هلاكه إن كان له مثل وقيمته ان لم يكن له مثل كالمغصوب في يد الغاصب والمهر في يد الزوج وبدل الخلع في يد المرأة وبدل الصلح عن دم العمد في يد العاقلة ولا خلاف في أنه يجوز الرهن به وللمرتهن ان يحبس الرهن حتى يسترد العين فان هلك المرهون في يده قبل استرداد العين والعين قائمة يقال للراهن سلم العين إلى المرتهن وخذ منه الأقل من قيمة الرهن ومن الدين لان المرهون عندنا مضمون بذلك فإذا وصل إليه العين يجب عليه رد قدر المضمون إلى الراهن فان هلكت العين والرهن قائم صار الرهن بها رهنا بقيمتها حتى وهلك الرهن بعد ذلك يهلك مضمونا بالأقل من قيمته وقيمة العين لان قيمة العين بدلها وبدل الشئ قائم مقامه كأنه هو وأما الذي هو مضمون بغيره لا بنفسه كالمبيع في يد البائع ليس هو مضمونا بنفسه الا ترى انه لو هلك في يده لا يضمن شيئا بل هو مضمون بغيره وهو الثمن حتى يسقط الثمن المشترى إذا هلك فهل يجوز الرهن به ذكر في كتاب الصرف انه يجوز وله ان يحبسه حتى يقبض المبيع وان هلك في يده قبل القبض يهلك بالأقل من قيمته ومن قيمة المبيع ولا يصير قابضا للمبيع بهلاكه وله أن يقبض المبيع إذا أوفى ثمنه وعليه أيضا ضمان الأقل بهلاك الرهن ولو هلك المبيع قبل القبض والرهن قائم بطل البيع لان اهلاك المبيع قل القبض يوجب بطلان المبيع وعلى المشترى أن يرد الرهن على البائع ولو هلك في يده قبل الرد هلك بضمانه وهو الأقل من قيمته ومن قيمة المبيع للبائع ولا يبطل ضمانه بهلاك المبيع وبطلان البيع لأنه وان هلك المبيع فقد سقط الثمن بمقابلته فكان بطلانه بعوض فلا يبطل ضمانه وروى الحسين عن أبي حنيفة انه لا يصح الرهن وبه اخذ الكرخي وجه رواية الحسن ان قبض الرهن قبض استيفاء المرهون ولا يتحقق معنى الاستيفاء في المضمون بغيره لان المشترى لا يصير مستوفيا شيئا بهلاك الرهن إنما يسقط عنه الثمن لاغير (وجه) ظاهر الرواية ان الاستيفاء ههنا يحصل من حيث المعنى لأن المبيع قبل القبض ان لم يكن مضمونا بالقيمة فهو مضمون بالثمن ألا ترى انه لو هلك يسقط الثمن عن المشترى فكان سقوط الثمن عنه كالعوض عن هلاك المبيع فيحصل مستوفيا مالية المبيع من الرهن من حيث المعنى فكان في معنى المضمون بنفسه فيصح الرهن به ولو تزوج امرأة على دراهم بعينها أو اشترى شيئا بدراهم بعينها فأعطى بها رهنا لم يجز عند أصحابنا الثلاثة رضي الله عنهم وعند زفر يجوز بناء على أن الدارهم والدنانير لا تتعين في عقود المعاوضات وان عينت فكان الواجب على الراهن مثلها لا عينها فلم يكن المعين مضمونا فلم يجز الرهن به وعنده يتعين بالتعيين بمنزلة العوض فكان المعين مضمونا فجاز الرهن به ولا يجوز الرهن بالكفالة بالنفس لان المكفول به ليس بمضمون على الكفيل الا ترى أنه لو هلك لا يجب على الراهن شئ ولا يسقط عن المرتهن بمقابلته ولا يجوز الرهن بالشفعة لان الشفعة ليست بمضمونة على المشترى بدليل أنه لو هلك لا يجب عليه شئ ولا يسقط عن المرتهن بشئ بمقابلته فكان رهنا بما ليس بمضمون فلم يجز ولا يجوز الرهن بالعبد الجاني والعبد المديون لأنه لو هلك لا يجب على المولى شئ ولا يسقط عن المرتهن شئ بمقابلته فلم يكن مضمونا أصلا فلا يصح الرهن به ولا يجوز الرهن بأجرة النائحة والمغنية بان استأجر معنية أو نائحة وأعطاهما بالأجرة رهنا لان الإجارة لم تصح فلم تجب الأجرة فكان رهنا بما ليس بمضمون فلم يجز ولو دفع إلى رجل رهنا ليقرضه فهلك الرهن قبل أن يقرضه يهلك مضمونا بالأقل من قيمته ومما سمى من القرض وان حصل الارتهان بما ليس بمضمون لكنه في حكم المضمون لأنه قبض الرهن ليقرضه فكان قبض الرهن على جهة الضمان والمقبوض على جهة شئ كالمقبوض على حقيقته في الشرع كالمقبوض على سوم الشراء (أما) صفة المضمون فنوعان (أحدهما) متفق عليه (والثاني) مخلف فيه أما المتفق عليه هو أن يكون مضمونا في الحال فلا يصح الرهن بما يصير مضمونا في الثاني كالرهن بالدرك بان باع شيئا وقبض الثمن وسلم البيع إلى المشترى فخاف المشترى الاستحقاق فاخذ بالثمن من البائع رهنا قبل الدرك لا يجوز حتى لا يملك الحبس سواء وجد الدرك أو لم يوجد ولو هلك يهلك أمانة سواء وجد الدرك أولم يوجد وكذا ارتهن بما يثبت له على الراهن في المستقبل لا يجوز بخلاف الكفالة فان الكفالة بما يصير مضمونا في
(١٤٣)