له أن يسترده قبل قضاء القاضي لما ذكرنا أن الرهن وقع صحيحا لوقوعه عن ولاية شرعية فلا يملك الولد نقضه ولكن يؤمر الأب بقضاء الدين ورد الرهن على ولده لزوال ولايته بالبلوغ ولو قضى الولد دين أبيه وافتك الرهن لم يكن متبرعا ويرجع بجميع ما قضى على أبيه لأنه مضطر إلى قضاء الدين إذا لا يمكنه الوصول إلى ملكه الا بقضاء الدين كله فكان مضطرا فيه فلم يكن متبرعا بل يكون مأمورا بالقضاء من قبل الأب دلالة فكان له أن يرجع عليه بما قضى كما لو استعار من إنسان عبده ليرهنه بدين نفسه فرهن ثم إن المعير قضى دين المستعير وافتك الرهن انه يرجع بجميع ما قضى على المستعير لما قلنا كذا هذا وكذلك حكم الوصي في جميع ما ذكرنا حكم الأب وإنما يفترقان في فصل آخر وهو انه يجوز للأب أن يرتهن مال الصغير بدين ثبت على الصغير وإذا هلك يهلك بالأقل من قيمته ومن الدين وإذا أدرك الولد ليس له أن يسترده إذا كان الأب يشهد على الارتهان وإن كان يشهد على ذلك لم يصدق عليه بعد الادراك الا بتصديق الولد ويجوز له أن يرهن ماله عند ولده الصغير بدين للصغير عليه ويحبسه لأجل الولد وإذا هلك بعد ذلك فيهلك بالأقل من قيمته ومن الدين إذا كان أشهد عليه قبل الهلاك وإن كان لم يشهد عليه قبل الهلاك لم يصدق الا أن يصدقه الولد بعد الادراك والوصي لو فعل هذا من اليتيم لا يجوز رهنه ولا ارتهانه أما على أصل محمد فلا يشكل لأنه لا يرى بيع مال اليتيم من نفسه ولا شراء ماله لنفسه أصلا فكذلك الرهن وعلى قولهما إن كان يجوز البيع والشراء لكن إذا كان خيرا لليتيم ولا خير له في الرهن لأنه يهلك أبدا بالأقل من قيمته ومن الدين فلم يكن فيه خير لليتيم فلم يجز وكذلك يجوز رهن مال الغير بإذنه كما لو استعار من إنسان شيئا ليرهنه بدين على المستعير لما ذكرنا ان الرهن ايفاء الدين وقضاؤه والانسان بتسبيل من أن يقضى دين نفسه بمال غيره باذنه ثم إذ أذن المالك بالرهن فاذنه بالرهن لا يخلو اما إن كان مطلقا واما كان مقيدا فإن كان مطلقا فاللمستعير أن يرهنه بالقليل والكثير وبأي جنس شاء وفي أي مكان كان ومن أي انسان أراد ولان العمل باطلاق اللفظ أصل وإن كان مقيدا بان سمى قدرا أو جنسا أو مكانا أو انسانا يتقيد به حتى لو اذن له أن يرهنه بعشرة لم يجزله أن يرهنه بأكثر منهما ولا بأقل لان المتصرف باذن يتقيد تصرفه بقدر الاذن والاذن لم بتناول الزيادة فلم يكن له أن يرهن بالأكثر ولا بالأقل أيضا لان المرهون مضمون والمالك إنما جعله مضمونا بالقدر وقد يكون له في ذلك غرض صحيح فكان التقييد به مفيدا وكذلك لو أذن له أن يرهنه بجنس لم يجزله أن يرهنه بجنس آخر لان قضاء الدين من بعض الأجناس قد يكون أيسر من بعض فكان التقييد بالجنس مفيدا وكذا إذا أذن له أن له يرهنه بالكوفة لم يجزله أن يرهنه بالبصرة لان التقييد بمكان دون مكان مفيد فيتقيد بالمكان المذكور وكذا إذا أذن له ان يرهنه من انسان بعينه لم يجزله أن يرهنه من غيره لان الناس متفاوتون في المعاملات فكان التعيين مفيدا فان خالف في شئ مما ذكرنا فهو ضامن لقيمته إذا هلك لأنه تصرف في ملك الغير بغير اذنه فصار غاصبا وللمالك أن يأخذ الرهن من يد المرتهن لان الرهن لم يصح فبقي المرهون في يده بمنزلة المغصوب فكان له أن يأخذه منه وليس لهذا المستعيران ينتفع بالمرهون لا قبل الرهن ولا بعد الانفكاك فان فعل ضمن لأنه لم يأذن له الا بالرهن فان انتفع به قبل أن يرهنه ثم رهنه بمثل قيمته برئ من الضمان حين رهن ذكره في الأصل لأنه لما انتفع به فقد خالف ثم لما رهنه فقد عاد إلى الوفاق فيبرأ عن الضمان كالمودع إذا عاد إلى الوفاق بعد ما خالف في الوديعة بخلاف ما إذا استعار العين لينتفع بها فخالف ثم عاد إلى الوفاق انه لا يبرأ عن الضمان لان المستعير للانتفاع ليست يده يد المالك بل يد نفسه حيث تعدو المنفعة إليه فلم تكن بالعود إلى الوفاق رادا للمال إلى يد المالك فلا يبرأ عن الضمان (فأما) المستعير للرهن فيده قبل الرهن يد المالك فإذا عاد إلى الوفاق فقد رد المال إلى يد المالك فيبرأ عن الضمان وإذا قبض المستعير العارية فهلك في يده قبل أن يرهنه فلا ضمان عليه لأنه هلك في قبض العارية لا في قبض الرهن وقبض العارية قبض أمانة لأقبض ضمان وكذلك إذا هلك في يده بعده مالفكه؟ من يد المرتهن لأنه بالافتكاك من يد المرتهن عاد عارية فكان الهلاك في قبض العارية ولو وكل الراهن يعنى المستعير بقبض الرهن من المرتهن أحدا فقبضه فهلك في يد القابض فإن كان القابض في عياله لم يضمن لان يده كيده
(١٣٦)