يرجع في بعض العوض فكذا إذا استحق بعض العوض كان للواهب أن يرجع في بعض الهبة تحقيقا للمعاوضة (ولنا) ان الباقي يصلح عوضا عن كل الهبة ألا ترى انه لو لم يعوضه الا به في الابتداء كان عوضا مانعا عن الرجوع فكذا في الانتهاء بل أو لي لان البقاء أسهل الا ان للواهب أن يرده ويرجع في الهبة لان الموهوب له غره حيث عوضه لا سقاط الرجوع بشئ لم يسلم له فيثبت له الخيار (وأما) سلامة المعوض وهو الموهوب للموهوب له فشرطه لزوم التعويض حتى لو استحق الموهوب كان له أن يرجع فيما عوض لأنه إنما عوض ليسقط حق الرجوع في الهبة فإذا استحق الموهوب تبين ان حق الرجوع لم يكن ثابتا فصار كمن صالح عن دين ثم تبين انه لا دين عليه وكذلك لو استحق نصف الموهوب فللموهوب له أن يرجع في نصف العوض إن كان الموهوب مما يحتمل القسمة لأنه إنما جعل عوضا عن حق الرجوع في جميع الهبة فإذا لم يسلم له بعضه يرجع في العوض بقدره سواء زاد العوض أو نقص في السعر أو زاد في البدن أو نقص في البدن كان له أن يأخذ نصفه ونصف النقصان كذا وروى عن محمد في الاملاء وإنما لم تمنع الزياد عن الرجوع في العوض لأنه تبين له انه قبضه بغير حق فصار كالمقبوض بعقد افسد فيثبت الفسخ في الزوائد وان قال الموهوب له أرد ما بقي من الهبة وأرجع في العوض كله لم يكن له ذلك لان العوض لم يكن مشروطا في العقد بل هر متأخر عنه والعوض المتأخر ليس بعوض عن العين حقيقة بل هولا سقاط الرجوع وقد حصل له سقوط الرجوع فيما بقي من الهبة فلم يكن له أن يرجع في العوض فإن كان العوض مستهلكا ضمن قابض العوض بقدر ما وجب الرجوع للموهوب له فيه من العوض وان استحق كل الهبة والعوض مستهلك يضمن كل قيمة العوض كذا ذكر في الأصل من غير خلاف وهو احدى روايتي بشر عن أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمهم الله وروى بشر رواية أخرى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة انه لا يضمن شيئا وهو قول أبى يوسف (وجه) رواية الأصل ان القبض في العوض ما وقع مجانا وإنما وقع مبطلا حق الرجوع في الأول فإن لم يسلم المقصود منه بقي القبض مضمونا فكما يرجع بعينه لو كان قائما يرجع بقيمته إذا هلك (وجه) الرواية الأخرى ان العوض المتأخر عن العقد في حكم الهبة المبتدأة حتى يشترط فيه شرائط الهبة من القبض والحيازة والموهوب غير مضمون بالهلاك هذا إذا كان الموهوب أو العوض شيئا لا يحتمل القسمة فاستحق بعضه (فاما) إذا كان مما يحتمل القسمة فاستحق بعض أحدهما بطل العوض إن كان هو المستحق وكذا تبطل الهبة إن كانت هي المستحقة فإذا بطل العوض رجع في الهبة وإذا بطلت الهبة يرجع في العوض لان بالاستحقاق تبين ان الهبة أو التعويض وقع في مشاع يحتمل القسمة وذلك باطل الثاني بيان ماهيته فالتعويض المتأخر عن الهبة هبة مبتدأة بلا خلاف من أصحابنا يصح بما تصح به الهبة ويبطل بما تبطل به الهبة لا يخالفها الا في اسقاط الرجوع على معنى انه يثبت حق الرجوع في الأولى ولا يثبت في الثانية (فاما) فيما وراء ذلك فهو في حكم هبة مبتدأة لأنه تبرع بتمليك العين للحال وهذا معنى الهبة الا انه تبرع به ليسقط حق الرجوع عن نفسه في الهبة الأولى فكانت هبة مبتدأة مسقطة لحق الرجوع في الهبة الأولى ولو وجد الموهوب له بالموهوب عيبا فاحشا لم يكن له أن يرده ويرجع في العوض وكذلك الواهب إذا وجد بالعوض عيبا لم يكن له أن يرد العوض ويرجع في الهبة لان الرد بالعيب من خواص المعاوضات والعوض إذا لم يكن مشروطا في العقد لم يكن عوضا على الحقيقة بل كان هبة مبتدأة ولا يظهر معنى العوض فيه الا في اسقاط الرجوع خاصة فإذا قبض الواهب العوض فليس لكل واحد منهما أن يرجع على صاحبه فيما ملكه (اما) الواهب فلانه قد سلم له العوض عن الهبة وانه يمنع الرجوع (وأما) الموهوب له فلانه قد سلم له ما هو في معنى العوض في حقه وهو سقوط حق الرجوع فيمنعه من الرجوع لقوله عليه الصلاة والسلام الواهب أحق بهبته ما لم يثبت منها وسواء عوضه الموهوب له أو أجنبي بأمر الموهوب له أو بغير أمره لم يكن للواهب أن يرجع في هبته ولا للمعوض أن يرجع في العوض على الواهب ولا على الموهوب له (أما) الواهب فإنما لم يرجع في هبته لان الأجنبي إنما عوض بأمر الموهوب له قام تعويضه مقام تعويضه بنفسه ولو عوض بنفسه
(١٣١)