بشرط عندنا فتقبل فيه شهادة امرأة واحدة والثلثان أحوط وعند مالك والشافعي رحمهما الله ان العدد فيه شرط الا ان عند مالك رحمه الله يكتفى فيه بامرأتين وعند الشافعي رحمه الله لابد من الأربع وجه قول مالك ان شهادة الرجال لما سقط اعتبارها في هذا الباب لمكان الضرورة وجب الاكتفاء بعددهم من النساء ووجه قول الشافعي رحمه الله ان الشرع أقام كل امرأتين في باب الشهادة مقام رجل ثم لا يكتفي بأقل من رجلين فلا يكتفى بأقل من أربع نسوة (ولنا) ان شرط العدد في الشهادة في الأصل ثبت تعبدا غير معقول المعنى لان خبر من ليس بمعصوم عن الكذب لا يفيد العلم قطعا ويقينا وإنما يفيده غالب الرأي وأكثر الظن وهذا ثبت بخبر الواحد العدل ولهذا لم يشترط العدد في رواية الاخبار الا انا عرفنا العدد فيها شرطا بالنص والنص ورد بالعدد في شهادة النساء في حالة مخصوصة وهي أن يكون معهن رجل بقوله تعالى عز شأنه فرجل وامرأتان فبقيت حالة الانفراد عن الرجال على أصل القياس وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل شهادة القابلة على الولادة ولو شهد رجل واحد بالولادة يقبل لأنه لما قبل شهادة امرأة واحدة فشهادة رجل واحد أولى والله سبحانه وتعالى أعلم ومنها اتفاق الشهادتين فيما يشترط فيه العدد فان اختلفا لم تقبل لان اختلافهما يوجب اختلاف الدعوى والشهادة ولان عند اختلاف الشهادتين لم يوجد الا أحد شطرى الشهادة ولا يكتفى به فيما يشترط فيه العدد ثم نقول الاختلاف قد يكون في جنس المشهود به وقد يكون في قدره وقد يكون في الزمان وقد يكون في المكان وغير ذلك اما اختلافهما في الجنس فقد يكون في العقد وقد يكون في المال اما في العقد فهو ان يشهد أحدهما بالبيع والآخر بالميراث أو بالهبة أو غير ذلك فلا تقبل لاختلاف العقدين صورة ومعنى فقد شهد كل واحد منهما بعقد غير ما شهد به الآخر وليس على أحدهما شهادة شاهدين واما في المال فهو ان يشهد أحدهما بمكيل والآخر بموزون فلا تقبل لأنهما جنسان مختلفان وليس على أحدهما شهادة شاهدين واما اختلاف الشهادة في قدر المشهود به فنحو ما إذا ادعى رجل على رجل الفي درهم وأقام شاهدين شهد أحدهما بألفين والآخر بألف لاتقبل عند أبي حنيفة رحمه الله أصلا وعندهما تقبل على الألف ولو كان المدعى يدعى ألفا وخمسمائة فشهد أحدهما بألف وخمسمائة والآخر بألف تقبل على الألف بالاجماع وجه قولهما ان الشهادة لم تخالف الدعوى في قدر الألف بل وافقتها بقدرها الا ان المدعى يدعى زيادة مال لا شهادة لهم عليه فيثبت قدر ما وقع الاتفاق عليه كما إذا ادعى ألفا وخمسمائة فشهد أحدهما بذلك والآخر بألف تقبل على الألف لما قلنا كذا هذا ولأبي حنيفة رحمه الله ان شطر الشهادة خالف الدعوى لان المدعى يدعى الفين وانه اسم وضع دلالة على عدد معلوم والاسم الموضوع دلالة على عدد لا يقع على ما دون ذلك العدد كسائر أسماء الاعداد كالمترك لألف من الإبل والهنيدة لمائه منها ونحو ذلك فلم تكن الألف المفردة مدعى فلم تكن الشهادة شاهدة على ما دخل تحت الدعوى فانفردت الشهادة عن الدعوى فيما يشترط فيه الدعوى فلا تقبل بخلاف ما إذا ادعى ألفا وخمسمائة فشهد أحدهما بذلك والآخر بألف انه يقبل على الألف لان الألف والخمسمائة اسم لعددين الا ترى انه يعطف أحدهما على الآخر فيقال الف وخمسمائة فكان كل واحد منهما بانفراده داخلا تحت الدعوى فالشهادة القائمة عليهما تكون قائمة على كل واحد منهما مقصودا فإذا شهد أحدهما بألف فقد شهد بأحد العددين الداخلين تحت الدعوى فكانت الشهادة موافقة للدعوى في عدد الألف فيقضى به للمدعى لقيام الحجة عليه بخلاف الألف والألفين لأنه اسم لعدد واحد لا تصح على ما دونه بحال فلم تكن الألف المفردة داخلة تحت الدعوى فكانت الشهادة القائمة عليها شهادة على ما لم يدخل تحت الدعوى فلا تقبل فهو الفرق بينهما ولو ادعى ألفا فشهد أحدهما بالألف والآخر بألفين لا تقبل على الألف بالاجماع لان المدعى كذب أحد شاهديه في بعض ما شهد به فأوجب ذلك تهمة في الباقي فلا تقبل الا إذا وفق فقال كان لي عليه ألفان الا انه كان قد قضانى ألفا ولم يعلم به الشاهد فيقبل وكذا لو ادعى ألفا فشهد أحدهما بها والآخر بألف وخمسمائة لا تقبل لما قلنا الا إذا وفق فقال كان لي عليه الف وخمسمائة الا انه قضائي خمسمائة ولم يعلم بها الشاهد فتقبل لأنه إذا وفق فقد زال الاختلاف المانع من القبول
(٢٧٨)