وبرة ثم قال أما انى لا يحل لي من غنيمتكم ولو بمثل هذه الوبرة الا الخمس والخمس مردود فيكم ردوا الخيط والمخيط فان الغلول عار وشنار على صاحبه إلى يوم القيامة فجاء اعرابي بكبة من شعر فقال أخذتها لأصلح بها بردعة بعيري رسول الله فقال أما نصيبي فهو لك وسأسلمك الباقي وهذا هبة المشاع فيما يقسم وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل على أبى أيوب الأنصاري رضي الله عنه فنظر إلى موضع المسجد فوجده بين أسعد بن زرارة وبين رجلين من قومه فاستباع أسعد نصيبهما ليهب الكل من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبيا ذلك فوهب أسعد نصيبه من النبي عليه الصلاة والسلام فوهبا أيضا نصيبهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قبل النبي عليه الصلاة والسلام الهبة نصيب أسعد وقبل في نصيب الرجلين أيضا ولو لم يكن جائزا لما قبل لان أدنى حال فعل النبي عليه الصلاة والسلام الجواز ولان الشياع لا يمنع حكم هذا التصرف ولا شرطه لان حكم الهبة الملك والشياع لا يمنع الملك ألا ترى انه يجوز بيع المشاع وكذا هبة المشاع فيما لا يقسم وشرطه هو القبض والشيوع لا يمنع القبض لأنه يحصل قابضا للنصف المشاع بتخلية الكل ولهذا جازت هبة المشاع فيما لا يقسم وإن كان القبض فيها شرطا لثبوت الملك كذا هذا (ولنا) اجماع الصحابة رضي الله عنهم فإنه روى أن سيدنا أبا بكر رضي الله عنه قال في مرض موته لسيدتنا عائشة رضي الله عنها ان أحب الناس إلى غنى أنت وأعزهم على فقرا أنت وانى كنت نحلتك جداد عشرين وسقا من مالي بالعالية وانك لم تكوني قبضتيه ولا جذيتيه وإنما هو اليوم مال الوارث اعتبر سيدنا الصديق رضي الله عنه القبض والقيمة في الهبة لثبوت الملك لان الحيازة في اللغة جمع الشئ المفرق في حيز وهذا معنى القسمة لان الأنصباء الشائعة قبل القسمة كانت متفرقة والقسمة تجمع كل نصيب في حيز وروى عن سيدنا عمر رضي الله عنه قال ما بال أحدكم ينحل ولده نحلا لا يحوزها ولا يقسمها ويقول إن مت فهو له وان مات رجعت إلى وأيم الله لا ينحل أحدكم ولده نحلي لا يحوزها ولا يقسمها فيموت الا جعلتها ميراثا لورثته والمراد من الحيازة القبض هنا لأنه ذكرها بمقابلة القسمة حتى لا يؤدى إلى التكرار أخرج الهبة من أن تكون موجبة للملك بدون القبض والقسمة وروى عن سيدنا علي رضي الله عنه أنه قال من وهب ثلث كذا أو ربع كذا لا يحوز ما لم يقاسم وكل ذلك بمحضر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينقل انه أنكر عليهم منكر فيكون اجماعا ولان القبض شرط جواز هذا العقد والشيوع يمنع من القبض لان معنى القبض هو التمكن من التصرف في المقبوض والتصرف في النصف الشائع وحده لا يتصور فان سكنى نصف الدار شائعا ولبس نصف الثوب شائعا محال ولا يتمكن من التصرف فيه بالتصرف في الكل لأن العقد لم يتناول الكل وهكذا نقول في المشاع الذي لا يقسم ان معنى القبض هناك لم يوجد لما قلنا الا ان هناك ضرورة لأنه يحتاج إلى هبة بعضه ولا حكم للهبة بدون القبض والشياع مانع من القبض الممكن للتصرف ولا سبيل إلى إزالة المانع بالقسمة لعدم احتمال القسمة فسمت الضرورة إلى الجواز وإقامة صورة التخلية مقام القبض الممكن من التصرف ولا ضرورة هنا لان المحل محتمل للقسمة فيمكن إزالة المانع من القبض الممكن بالقسمة أو نقول الصحابة رضي الله عنهم شرطوا القبض المطلق والمطلق ينصرف إلى الكامل وقبض المشاع قبض قاصر لوجوده من حيث الصورة؟
دون المعنى على ما بينا الا انه اكتفى بالصورة في المشاع الذي لا يحتمل القسمة للضرورة التي ذكرنا ولا ضرورة هنا فلزم اعتبار الكمال في القبض ولا يوجد في المشاع ولان الهبة عقد تبرع فلو صحت في مشاع يحتمل القسمة لصار عقد ضمان لان الموهوب له يملك مطالبة الواهب بالقسمة فيلزمه ضمان القسمة فيؤدى إلى تغيير المشروع ولهذا توقف الملك في الهبة على القبض لما أنه لو ملكه بنفس العقد لثبتت له ولاية المطالبة بالتسليم فيؤدى إلى ايجاب الضمان في عقد التبرع وفيه تغيير المشروع كذا هذا بخلاف مشاع لا يحتمل القسمة لان هناك لا يتصور ايجاب الضمان على المتبرع لأن الضمان ضمان القسمة والمحل لا يحتمل القسمة فهو الفرق (وأما) الآية فلا حجة له فيها لان المراد من المفروض الدين لا العين ألا ترى أنه قال الا أن يعفون والعفو اسقاط واسقاط الأعيان لا يعقل وكذا الغالب في المهر أن يكون