القبض ولو جزه وسلمه جاز لزوال المانع والله عز وجل أعلم وعلى هذا إذا وهب دابة وعليها حمل بدون الحمل لا تجوز ولو رفع الحمل عنها وسلمها فارغا جاز لما قلنا بخلاف هبة ما في بطن جاريته أو ما في بطن غنمه أو ما في ضرعها أو هبة سمن في لبن أو دهن في سمسم أو زيت في زيتون أو دقيق في حنطة أنه يبطل وان سلطه على قبضه عند الولاة أو عند استخراج ذلك لان الموهوب هناك ليس محل العقد لكونه معدوما لهذا لم يجز بيعها فلا تجوز هبتها وهنا بخلافه على ما تقدم ومنها أهلية القبض وهي العقل فلا يجوز قبض المجنون والصبي الذي لا يعقل وأما البلوغ فليس بشرط لصحة القبض استحسانا فيجوز قبض الصبي العاقل ما وهب له والقياس أن يكون شرطا ولا يجوز قبض الصبي وإن كان عاقلا (وجه) القياس ان القبض من باب الولاية ولا ولاية له على نفسه فلا يجوز قبضه في الهبة كما لا يجوز في البيع (وجه) الاستحسان ان قبض الهبة من التصرفات النافعة المحضة فيملكه الصبي العاقل كما يملك وليه ومن هو في عياله وكذا الصبية إذا عقلت جاز قبضها لما قلنا وكذلك الحرية ليست بشرط فيجوز قبض العبد المحجور عليه إذا وهب له هبة ولا يجوز قبض المولى عنه سواء كان على العبد دين أو لا فالقبض إلى العبد والملك للمولى في المقبوض لان القبض من حقوق العقد والعقد وقع للعبد فكان القبض إليه ولان الأصل في بني آدم الحرية والرق لعارض فكان الأصل فيهم اطلاق التصرف لهم والانحجار لعارض الرق عن التصرف يتضمن الضرر بالمولى ولم يوجد فبقي فيه على أصل الحرية والمقبوض كسب العبد وكسب العبد القن للمولى وكذلك المكاتب إذا وهب له هبة فالقبض إليه ولا يجوز قبض المولى عنه لما قلنا في القن فإذا قبض المكاتب فهو أحق به فلا يملكه المولى لان الهبة كسبه والمكاتب أحق باكتسابه ومنها الولاية في أحد نوعي القبض وجملة الكلام فيه أن القبض نوعان قبض بطريق الأصالة وقبض بطريق النيابة (أما) القبض بطريق الأصالة فهو ان يقبض بنفسه لنفسه وشرط جوازه العقل فقط على ما بينا (وأما) القبض بطريق النيابة فالنيابة في القبض نوعان نوع يرجع إلى القابض ونوع يرجع إلى نفس القبض أما الأول الذي يرجع إلى القابض فهو القبض للصبي وشرط جوازه الولاية بالحجر والعيلة عند عدم الولاية فيقبض للصبي وليه أو من كان الصبي في حجره وعياله عند عدم الولي فيقبض له أبوه ثم وصى أبيه بعده ثم جده أبو أبيه بعد أبيه ووصيه ثم وصى جده بعده سواء كان الصبي في عيال هؤلاء أولم يكن فيجوز قبضهم على هذا الترتيب حال حضرتهم لان لهؤلاء ولاية عليهم فيجوز قبضهم له وإذا غاب أحدهم غيبة منقطعة جاز قبض الذي يتلوه في الولاية لان التأخير إلى قدوم الغائب تفويت المنفعة على الصغير فتنتقل الولاية إلى من يتلوه وإن كان دونه كما في ولاية الانكاح ولا يجوز قبض غير هؤلاء الأربعة مع وجود واحد منهم سواء كان الصبي في عيال القابض أو لم يكن وسواء كان ذا رحم محرم منه كالأخ والعم والام ونحوهم أو أجنبيا لأنه ليس لغير هؤلاء ولاية التصرف في مال الصبي فقيام ولاية التصرف لهم تمنع ثبوت حق القبض لغير هم فإن لم يكن أحد من هؤلاء الأربعة جاز قبض من كان الصبي في حجره وعياله استحسانا والقياس ان لا يجوز لعدم الولاية ولا يجوز قبض من لم يكن في عياله أجنبيا كان أو ذا رحم محرم منه قياسا واستحسانا وإنما كان كذلك لان الذي في عياله له عليه ضرب ولاية ألا ترى انه يؤدبه ويسلمه في الصنائع التي للصبي فيها منفعة وللصبي في قبض الهبة منفعة محضة فقيام هذا القدر من الولاية يكفي لتصرف فيه منفعه محضة للصبي (وأما) من ليس في عياله فلا ولاية له عليه أصلا فلا يجوز قبضه له كالا جنبي والقبض للصبية إذا عقلت ولها زوج قد دخل بها زوجها أيضا استحسانا لأنها في عياله لكن هذا إذا لم يكن أحد من هؤلاء فأما عند وجود واحد منهم فلا يجوز قبض الزوج كذا ذكره الحاكم الجليل في مختصره (وأما) الثاني الذي يرجع إلى نفس القبض فهو ان القبض الموجود في الهبة ينوب عن قبض الهبة سواء كان الموجود وقت العقد مثل قبض الهبة أو أقوى منه لأنه إذا كان مثله أمكن تحقيق التناوب إذ المتماثلان غير أن ينوب كل واحد منهما مقام صاحبه ويسد مسده فتثبت المناوبة مقتضى المماثلة وإذا كان أقوى منه يوجد فيه المستحق وزيادة وبيان هذا في مسائل إذا كان الموهوب في يد الموهوب له وديعة أو عارية
(١٢٦)