(فصل) وأما صفة هذا العقد فهو انه عقد غير لازم ولكل واحد منهما أعنى رب المال والمضارب الفسخ لكن عند وجود شرطه وهو علم صاحبه لما ذكرنا في كتاب الشركة ويشترط أيضا أن يكون رأس المال عينا وقت الفسخ دراهم أو دنانير حتى لو نهى رب المال المضارب عن التصرف ورأس المال عروض وقت النهى لم يصح نهيه وله أن يبيعها لأنه يحتاج إلى بيعها بالدراهم والدنانير ليظهر الربح فكان النهى والفسخ ابطالا لحقه في التصرف فلا يملك ذلك وإن كان رأس المال دراهم أو دنانير وقت الفسخ والنهى صح الفسخ والنهى لكن له أن يصرف الدراهم إلى الدنانير والدنانير إلى الدراهم لان ذلك لا يعد بيعا لاتحادهما في الثمنية (فصل) وأما حكم اختلاف المضارب ورب المال فان اختلفا في العموم والخصوص فالقول قول من يدعى العموم بان ادعى أحدهما المضاربة في عموم التجارات أو في عموم الأمكنة أو مع عموم من اشخاص وادعى الاخر نوعا دون نوع ومكانا دون مكان وشخصا دون شخص لان قوله من يدعى العموم موافق للمقصود بالعقد إذ المقصود من العقد هو الربح وهذا المقصود في العموم أوفر وكذلك لو اختلفا في الاطلاق والتقييد فالقول قول من يدعى الاطلاق حتى لو قال رب المال أذنت لك أن تتجر في الحنطة دون ما سواها وقال المضارب ما سميت لي تجارة بعينها فالقول قول المضارب مع يمينه لان الاطلاق أقرب إلى المقصود بالعقد على ما بينا وقال الحسن بن زياد ان القول قول رب المال في الفصلين جميعا وقيل إنه قول زفر (ووجهه) ان الاذن يستفاد من رب المال فكان القول في ذلك قوله فان قامت لهما بينة فالبينة بينة مدعى العموم في دعوى العموم والخصوص لأنها تثبت زيادة وفي دعوى التقييد والا طلاق البينة بينة مدعى التقييد لأنها تثبت زيادة فيه وبينة الاطلاق ساكتة ولو اتفقا على الخصوص لكنهما اختلفا في ذلك الخاص فقال رب المال دفعت المال إليك مضاربة في البز وقال المضارب في الطعام فالقول قول رب المال في قولهم جميعا لأنه لا يمكن الترجيح هنا بالمقصود من العقد لاستوائهما في ذلك فترجح بالاذن وانه يستفاد من رب المال فان أقاما البينة فالبينة بينة المضارب لان بينته مثبتة وبينة رب المال نافية لأنه لا يحتاج إلى الاثبات والمضارب يحتاج إلى الاثبات لدفع الضمان عن نفسه فالبينة المثبتة للزيادة أولى وقد قالوا في البينتين إذا تعارضتا في صفة الاذن وقد وقتتا ان الوقت الأخير أولى لان الشرط الثاني ينقض الأول فكان الرجوع إليه أولى وان اختلفا في قدر رأس المال والربح فقال رب المال كان رأس مالي ألفين وشرطت لك ثلث الربح وقال المضارب رأس المال ألف وشرطت لي نصف الربح فإن كان في يد المضارب ألف درهم يقر انها مال المضاربة فالقول قول المضارب في أن رأس المال ألف والقول قول رب المال انه شرط ثلث الربح وهذا قول أبي حنيفة الآخر وهو قول أبى يوسف ومحمد وكان قوله الأول ان القول قول رب المال في الامرين جميعا وهو قول زفر (وجه) قوله الأول ان الربح يستفاد من أصل المال وقد اتفقا على أن جملة المال مضاربة وادعى المضارب استحقاقا فيها ورب المال ينكر ذلك فكان القول قوله بخلاف ما إذا قال المضارب بعض هذه الألفين خلطته بها أو بضاعة في يدي لأنهما ما اتفقا على أن الجميع مال المضاربة ومن كان في يده شئ فالقول قوله (وجه) قوله الآخران القول في مقدار رأس المال قول المضارب لأنهما اختلفا في مقدار المقبوض فكان القول قول القابض ألا ترى انه لو أنكر القبض أصلا وقال لم أقبض منك شيئا كان القول قوله فكذا إذا أنكر البعض دون البعض وإنما كان القول قول رب المال في مقدار الربح لان شرطا الربح يستفاد من قبله فكان القول في مقدار المشروط قوله ألا ترى انه لو أنكر الشرط رأسا فقال لم أشرط لك ربحا وإنما دفعت إليك بضاعة كان القول قوله فكذا إذا أقر بالبعض دون البعض وإذا كان القول قول المضارب في قدر رأس المال في قوله الأخير فالقول قول رب المال في مقدار الربح في قولهم يجعل رأس المال ألف درهم ويجعل للمضارب ثلث الألف الأخرى فلا يقبل قول رب المال في زيادة رأس المال ولا يقبل قول المضارب في زيادة شرط الربح وعلى قوله الأول يأخذ رب المال الألفين جميعا وإن كان في يده ثلاثة آلاف درهم والمسألة بحالها أخذ رب المال ألف درهم على قوله الأخير
(١٠٩)