كمن نسي نية الصوم ليلا لا يكره له السواك بعد الزوال، وهو كذلك لأنه ليس بصائم حقيقة، والمعنى في اختصاصها بما بعد الزوال أن تغير الفم بالصوم إنما يظهر حينئذ قاله الرافعي: ويلزم من ذلك كما قال الأسنوي: أن يفرقوا بين من تسحر أو تناول في الليل شيئا أم لا فيكره للمواصل قبل الزوال، وأنه لو تغير فمه بأكل أو نحوه ناسيا بعد الزوال أنه لا يكره له السواك وهو كذلك. قال الترمذي الحكيم: يكره أن يزيد طول السواك على شبر، واستحب بعضهم أن يقول في أوله: اللهم بيض به أسناني وشد به لثاتي وثبت به لهاتي وبارك لي فيه يا أرحم الراحمين. قال النووي: وهذا لا بأس به. (القول في كيفية الاستياك) ويسن أن يكون السواك في عرض الأسنان ظاهرا وباطنا في طول الفم لخبر: إذا استكتم فاستاكوا عرضا رواه أبو داود في مراسيله، ويجزئ طولا لكن مع الكراهة. نعم يسن أن يستاك في اللسان طولا كما ذكره ابن دقيق العيد. (القول في آلة السواك) ويحصل بكل خشن يزيل القلح كعود من أراك أو غيره أو خرقة أو أشنان لحصول المقصود بذلك، لكن العود أولى من غيره. والاراك أولى من غيره من العيدان، واليابس المندى بالماء أولى من الرطب ومن اليابس الذي لم يند، ومن اليابس المندى بغير الماء كماء الورد وعود النخل أولى من غير الأراك كما قاله في المجموع. ويسن غسله للاستياك ثانيا إذا حصل عليه وسخ أو ريح أو نحوه كما قاله في المجموع، ولا يكفي الاستياك بأصبعه وإن كانت خشنة لأنه لا يسمى استياكا، هذا إذا كانت متصلة فإن كانت منفصلة وهي خشنة أجزأت إن قلنا بطهارتها وهو الأصح. ويسن أن يستاك باليمنى من يمنى فمه لأنه (ص) كان يحب التيامن ما استطاع في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله وسواكه. رواه أبو داود. (القول في مواضع تأكد السواك) (وهو في ثلاثة مواضع) أي أحوال (أشد استحبابا) أحدها:
(عند تغير) الفم وقوله: (من أزم) بفتح الهمزة وسكون الزاي وهو السكوت أو الامساك عن الاكل. (و) من (غيره) أي الازم كثوم وأكل ذي ريح كريه (و) ثانيها: (عند القيام من النوم) لخبر الصحيحين: كان (ص) إذا قام من النوم يشوص فاه أي يدلكه بالسواك (و) ثالثها: (عند القيام إلى الصلاة) ولو نفلا ولكل ركعتين من نحو التراويح أو لمتيمم أو لفاقد الطهورين وصلاة الجنازة، ولو لم يكن الفم متغيرا أو استاك في وضوئها لخبر الصحيحين:
لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة أي أمر إيجاب ولخبر: ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بلا سواك رواه الحميدي بإسناد جيد، وكما يتأكد فيما ذكر يتأكد أيضا للوضوء لقوله (ص): لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل وضوء أي أمر إيجاب، ومحله في الوضوء على ما قاله ابن الصلاح وابن النقيب في عمدته بعد غسل الكفين،