إن سهل بأن تكون الدابة واقفة وأمكن انحرافه عليها أو تحريفها أو سائرة وبيده زمامها وهي سهلة فإن لم يسهل ذلك بأن تكون صعبة أو مقطورة ولم يمكنه انحرافه عليها ولا تحريفها لم يلزمه تحريف للمشقة واختلال أمر السير عليه. أما ملاح السفينة وهو مسيرها فلا يلزمه توجه لأن تكليفه ذلك يقطعه عن النفل أو عمله ولا ينحرف عن صوب طريقه إلا إلى القبلة لأنها الأصل، فإن انحرف إلى غيرها عالما مختارا بطلت صلاته، وكذا النسيان أو خطأ طريق أو جماع دابة إن طال الزمن وإلا فلا.
ولكن يسن أن يسجد للسهو لأن عمد ذلك يبطل وهذا هو المعتمد. وفي ذلك خلاف في كلام الشيخين ويكفيه إيماء في ركوعه وسجوده ويكون سجوده أخفض من ركوعه للاتباع والماشي يتم ركوعه وسجوده ويتوجه فيهما، وفي تحرمه وجلوسه بين سجدتيه ولو صلى فرضا عينيا أو غيره على دابة واقفة وتوجه للقبلة وأتم الفرض جاز، وإن لم تكن معقولة، وإلا فلا يجوز لأن سير الدابة منسوب إليه. القول في مراتب القبلة وتعلم أدلتها ومن صلى في الكعبة فرضا أو نفلا أو على سطحها. وتوجه شاخصا منها كعتبتها ثلثي ذراع تقريبا جاز ما صلاه، ومن أمكنه علم القبلة ولا حائل بينه وبينها لم يعمل بغيره فإن لم يمكنه اعتمد ثقة يخبره عن علم كقوله: أنا أشاهد الكعبة وليس له أن يجتهد مع وجود إخباره، وفي معناه رؤية محاريب المسلمين ببلد كبير أو صغير يكثر طارقوه، فإن فقد الثقة المذكور وأمكنه اجتهاد اجتهد لكل فرض إن لم يذكر الدليل الأول، فإن ضاق الوقت عن الاجتهاد أو تحير صلى إلى أي جهة شاء وأعاد وجوبا فإن عجز عن الاجتهاد ولم يمكنه تعلم كأعمى البصر أو البصيرة قلد ثقة عارفا بأدلتها ومن أمكنه تعلم أدلتها لزمه تعلمها وتعلمها فرض عين لسفر فإن ضاق الوقت عن تعلمها صلى كيف كان وأعاد وجوبا وفرض كفاية لحضر وقيد السبكي السفر بما يقل فيه العارف بالأدلة فإن كثر كركب الحاج فكالحضر ومن صلى باجتهاد فتيقن خطأ معينا أعاد صلاته وجوبا فإن تيقنه فيها استأنفها وإن تغير اجتهاده ثانيا عمل بالثاني وجوبا إن ترجح: سواء أكان في الصلاة أم لا ولا إعادة عليه لما فعله بالأول حتى لو صلى أربع ركعات لأربع جهات بالاجتهاد أربع مرات، فلا إعادة عليه لأن كل ركعة مؤداة باجتهاد ولم يتعين فيها الخطأ، فإن استويا ولم يكن في صلاة تخير بينهما، إذ لا مزية لأحدهما على الآخر، وإن كان فيها عمل بالأول وجوبا كما نقله في أصل الروضة عن البغوي وفارق حكم التساوي قبلها بأنه هنا التزم بدخوله فيها جهة فلا يتحول إلا بأرجح وشرط العمل الثاني في الصلاة أن يظن الصواب مقارنا لظهور الخطأ فإن لم يظنه مقارنا بطلت صلاته، وإن قدر على الصواب عن قرب لمضي جزء من صلاته إلى غير قبلة ولا يجتهد في محاريب النبي (ص)