وإن دخل إلى غيرها لحاجة فقبلها جاز، لما روت عائشة رضي الله عنها قالت (ما كان يوم أو أقل يوم إلا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف علينا جميعا، ويقبل ويلمس، فإذا جاء إلى التي هو يومها أقام عندها) ولا يجوز أن يطأها لأنه معظم المقصود فلا يجوز في قسم غيرها، فإن وطئها وانصرف ففيه وجهان (أحدهما) أنه يلزمه أن يخرج في نهار الموطوءة ويطأها، لأنه هو العدل (والثاني) لا يلزمه شئ لان الوطئ غير مستحق، وقدره من الزمان لا ينضبط فسقط، وإن كان عنده امرأتان فقسم لإحداهما مدة ثم طلاق الأخرى قبل أن يقضيها ثم تزوجها لزمه قضاء حقها، لأنه تأخر القضاء لعذر وقد زال فوجب كما لو كان عليه دين فأعسر ثم أيسر.
(الشرح) حديث عائشة رضي الله عنها أخرجه أحمد في مسنده والبيهقي والحاكم وصححه بلفظ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من يوم إلا وهو يطوف علينا جميعا امرأة امرأة، فيدنو ويلمس من غير مسيس حتى يفضى إلى التي هو يومها فيبيت عندها) وروى أبو داود بنحوه ولفظه في رواية له (كان لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا، وكان ما من يوم إلا وهو يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ التي هو يومها فيبيت عندها) وفى لفظ عند أحمد والبخاري ومسلم (كان إذا انصرف من صلاة العصر دخل على نسائه، فيدنو من إحداهن).
أما الأحكام: فقد قال الشافعي رضي الله عنه (ولا يدخل في الليل على التي لم يقسم لها) وجملة ذلك أنه إذا قسم بين نسائه فلا يجوز أن يخرج من المقسوم لها في ليلتها لغير ضرورة من غير اذنها لان عماد القسم الليل، فان دعت ضرورة إلى ذلك بأن مرض غيرها وأشرفت على الموت فاحتاج أن يخرج إليها لتوصي إليه أو تحتاج إلى قيم ولا قيم لها أو ماتت واحتاج إلى الخروج لتجهيزها جاز له الخروج لان هذا موضع عذر، فان برئت المريضة التي خرج إليها قضى للتي خرج من ليلتها من ليلة المريضة مثل الذي أقام عندها، وان ماتت لم يقض، بل يستأنف القسم للباقيات.