فأنزل الله عز وجل (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) يعنى مقبلات ومدبرات ومستلقيات، يعنى بذلك موضع الولد.
وروى أحمد والترمذي وقال حسن غريب عن ابن عباس قال (جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت، قال وما الذي أهلكك؟ قال حولت رحلي البارحة، فلم يرد عليه بشئ، قال فأوحى الله إلى رسوله هذه الآية (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) أقبل وأدبر، واتقوا الدبر والحيضة أما الأحكام فقد استدل الجمهور بهذه الأحاديث التي تقرب من درجه التواتر على تحريم إتيان المرأة في دبرها.
وحكى ابن عبد الحكم عن الشافعي أنه قال لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريمه ولا تحليله شئ والقياس أنه حلال. وقد أخرجه عنه ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي، وأخرجه الحاكم في مناقب الشافعي عن الأصم عنه، وكذلك الطحاوي عن ابن عبد الحكم عن الشافعي، وروى الحاكم عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن الشافعي أنه قال: سألني محمد بن الحسن فقلت له إن كنت تريد المكابرة وتصحيح الروايات وإن لم تصح فأنت أعلم، وان تكلمت بالمناصفة كلمتك على المناصفة، قال على المناصفة، قلت فبأي شئ حرمته قال بقول الله تعالى (فأتوهن من حيث أمركم الله) وقال (فأتوا حرثكم أنى شئتم) والحرث لا يكون إلا في الفرج. قلت أفيكون ذلك محرما لما سواه، قال نعم.
قلت فما تكون لو وطئها بين ساقيها أو في أعكانها أو تحت إبطيها أو أخذت ذكره بيدها أو في ذلك حرث، قال لا. قلت فيحرم ذلك قال لا قلت فلم تحتج بما لا حجة فيه، قال فإن الله قال (والذين هم لفروجهم حافظون) الآية. قال فقلت له هذا مما يحتجون به للجواز ان الله أثنى على من حفظ فرجه من غير زوجته أو ما ملكت يمينه، فقلت له أنت تتحفظ من زوجتك وما ملكت يمينك. اه وقال الحاكم بعد أن حكى الشافعي ما سلف، لعل الشافعي كأن يقول ذلك في القديم، فأما الجديد فالمشهور انه حرمه.
وقد حمل الماوردي في الحاوي وأبو نصر بن الصباغ في الشامل على ابن عبد الحكم الذي روى هذا عن الشافعي، ورويا هما وغيرهما من أصحابنا عن الربيع.