ابن سليمان أنه قال: كذب والله يعنى ابن عبد الحكم فقد نص الشافعي على تحريمه في ستة كتب. وتعقب الحافظ بن حجر في التلخيص هذا فقال: لا معنى لهذا التكذيب، فإن ابن عبد الحكم لم يتفرد بذلك، بل قد تابعه عليه عبد الرحمن ابن عبد الله أخوه عن الشافعي، ثم قال إنه لا خلاف في ثقة ابن عبد الحكم وأمانته وقد روى الجواز أيضا عن مالك.
قال القاضي أبو الطيب في تعليقه أنه روى عنه ذلك أهل مصر وأهل المغرب ورواه عنه ابن رشد في كتاب البيان والتحصيل، وأصحاب مالك العرافيون لم يثبتوا هذه الرواية، وقد رجع متأخر وأصحابه عن ذلك وأفتوا بتحريمه. وقد نقل ابن قدامة رواية عن مالك. قوله ما أدركت أحدا اقتدى به في ديني يشك في أنه حلال، ثم أنكر ذلك أصحابه العراقيون.
قلت: إذا كان الله تبارك وتعالى قد حرم الوطئ في الفرج عند المحيض لأجل الأذى فكيف بالحش الذي هو موضع أذى دائم ونجس لازم، مع زيادة المفسدة بانقطاع النسل الذي هو المقصد الأسمى من مشروعية الزواج فضلا عن خساسة هذا العمل ودناءته مما يفضى إلى التلذذ بما كان يتلذذ به قوم لوط، وما يعد شذوذا في الشهوة يتنزه عنها المؤمنون الأطهار وأبناء الملة الأخيار وكفى بهذا العمل انحطاط أن أحدا لا يرضى أن ينسب هذا القول إلى إمامه، كما يقول ابن القيم، وقد ذكر لذلك مفاسد دينية ودنيوية كثيرة في هديه. وقد روى التحريم عن علي وابن مسعود وابن عباس وأبى الدرداء وعبد الله بن عمرو وأبي هريرة وابن المسيب وأبى بكر بن عبد الرحمن ومجاهد وقتادة وعكرمة والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر وأحمد بن حنبل وأصحابه كافة، وأبى ثور والحسن البصري. وقال العمراني عن الربيع (كذب ابن عبد الحكم والذي لا إله إلا هو) قال المزني، قال الشافعي ذهب بعض أصحابنا إلى احلاله وآخرون إلى تحريمه ولا أرخص فيه بل أنهى عنه. وحكى أن مالكا سئل عن ذلك فقال (الآن اغتسلت منه) (فرع) يجوز التلذذ بما بين الألتين من غير إيلاج في الدبر لما فيه من الأذى