في حكمهم قبل أن يتيقن أمرهم، فلما تيقن أمرهم ألحقهم بهم. وحكى أن القاهر العباسي استفتى في الصابئة فأفتاه أبو سعيد الإصطخري أنهم ليسوا من أهل الكتاب. لأنهم يقولون: إن الفلك حي ناطق، وإن الأنجم السبعة آلهة، وهما الشمس والقمر والمشترى (جوبتير) وزحل والمريخ وزهرة وعطارد، فأفتى بضرب رقابهم فجمعهم القاهر ليقتلهم فبذلوا له مالا كثيرا فتركهم. وهؤلاء يتفقون مع قدماء اليونان في عبادة الزهرة والمريخ، وفينوس إله الجمال واكوس إله النبيذ وجوبتير، أما السامريون فيقال إنهم أصحاب موسى السامري وقبيله.
وهم يقطنون نابلس من أرض فلسطين كشف الله البلاء عنها وأزاح غمتها، وفرج الكروب الملمة، والنكبات المدلهمة التي حاقت بالقدس الشريف.
وعلينا أن تنظر في أمر الفريقين فإن كانوا يخالفون اليهود والنصارى في أصول دينهم فليسوا منهم، وإن كانوا يوافقونهم ولا أظن الصابئين يوافقونهم في أصول دينهم ويخالفونهم في الفروع فهم منهم، كما أن المسلمين ملة واحدة لاتفاقهم في أصول الدين، وإن اختلفوا في الفروع.
وقال المقريزي: اعلم أن طائفة السمرة ليسوا من بني إسرائيل البنة، وإنما هم قوم قدموا من المشرق وسكنوا بلاد الشام وتهودوا، إلى أن قال: وعرفوا بين الأمم بالسامرة لسكناهم بمدينة شمرون، وشمرون هذه هي مدينة نابلس.
(مسألة) قال الشافعي رضي الله عنه: ولا أكره نساء أهل الحرب الا لئلا يفتن مسلما عن دينه، وجملة ذلك أن الحربية من أهل الكتاب يجوز نكاحها اعتبارا بالكتاب دون الدار.
إذا ثبت هذا فإنه يكره للمسلمين نكاح الكتابية بكل حال، لأنه لا يؤمن أن تفتنه عن دينه، أو تزعزع عقيدة أبنائه منها ولطالما رأينا ملحدين وخونة وعملاء يرجع سبب ذلك إلى تأثرهم بأمهاتهم غير المسلمات أو خلطائهم ممن يطوون على الاسلام كشحا، ولا يودون لامته عزا، فيزلزلون المثل الرفيعة في ضمائر هؤلاء المتفرنجين، فينقلبون حربا على أمتهم وعلى عقائدها وشرائعها، وقد كثرت جرائم هذا الصنف من الزواج الغر الجهول حتى تفشت مضاره فسنت حكومة