(أحدهما) وهو قول أبى العباس أن النكاح باطل لأنها مرتابة بالحمل فلم يصح نكاحها، كما لو حدثت الريبة قبل انقضاء العدة.
(والثاني) وهو قول أبي سعيد وأبي إسحاق أنه يصح، وهو الصحيح، لأنها ريبه حدثت بعد انقضاء العدة فلم تمنع صحة العقد كما لو حدثت بعد النكاح، ويجوز نكاح الحامل من الزنا لان حملها لا يلحق بأحد فكان وجوده كعدمه.
(الشرح) الأحكام: لا يصح نكاح المعتدة من غيره لقوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله) فالعزم على الشئ وعزمه عزما من باب ضرب عقد ضميره على فعله، والمعنى هنا لا تعزموا على عقدة النكاح في العدة، لان العزم عليه بعدها لا بأس به، ثم حذف على. قال سيبويه:
والحذف في هذه الآية لا يقاس عليه.
قال النحاس: يجوز أن يكون المعنى ولا يعقدوا عقدة النكاح، لان معنى تعزموا وتعقدوا واحد قيل إن العزم على الفعل يتقدمه فيكون في هذا النهى مبالغة، لأنه إذا نهى عن المتقدم على الشئ كان النهى عن ذلك الشئ بالأولى وحتى هنا غاية للنهي، وبلوغ الكتاب أجله كناية عن انقضاء العدة، والكتاب هنا هو الحد والقدر الذي رسم من المدة سماه كتابا لكونه محدودا ومفروضا.
كقوله تعالى (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) والمراد بالأجل آخر مدة العدة، وإن ارتابت بالحمل بأن أمارات الحمل وشكت هل هو حمل أو لا؟ فإن حدثت لها هذه الريبة قبل انقضاء العدة: ثم انقضت عدتها بالأقراء أو بالشهور والريبة باقية لم يصح نكاحها لأنها تشك في خروجها من العدة والأصل بقاؤها.
وإن انقضت عدتها من غير ريبة فتزوجت ثم حدثت لها ريبة بالحمل لم تؤثر هذه الريبة، لان النكاح قد صح في الظاهر. وإن انقضت عدتها بالشهور أو بالأقراء ثم حدثت لها ريبة بالحمل فيكره نكاحها، فإن تزوجها رجل فهل يصح، فيه وجهان (أحدهما) لا يصح لأنها مرتابة بالحمل فلم يصح نكاحها، كما لو حدثت بها ريبه قبل انقضاء العدة ثم انقضت عدتها وهي مرتابة بالحمل فلم يصح نكاحها