ما يستحسنون من حجر وحيوان وشمس وقمر ونار وأنهار وأشجار ولا يجوز اقرارهم على دينهم ولا يجوز نكاح حرائرهم، وإن ملكت منهم أمة لم يحل وطؤها بملك اليمين لقوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) وقوله تعالى (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) فيحرم نكاح المشركات ثم نسخ منه نكاح أهل الذمة على قول من يجعل الاستثناء من العام نسخا في قدره، وبقى الباقي منهم على عموم التحريم.
وأما من لهم شبهة كتاب وهم المجوس ولا خلاف أنه ليس لهم كتاب موجود وهل كان لهم كتاب ثم رفع؟ فيه قولان يأتيان في موضعهما إن شاء الله إذا ثبت هذا فيجوز إقرارهم على دينهم ببذل الجزية، ولا يحل نكاح حرائرهم.
وحكى عن أبي إسحاق المروزي أنه قال: إذا قلنا إن لهم كتابا حل نكاح حرائرهم والأول هو المذهب. وقد ذهب ابن حزم إلى جواز نكاح حرائرهم في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل بناء على وجوب الجزية عليهم، وهو أخذ بالقياس الذي يرفضه ويحمل عليه في جميع كتبه التي تدور كلها على ذم القياس وتزييفه ودحضه.
ودليلنا قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) وقوله تعالى (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) وهذا عام في كل مشركة إلا ما قام عليه دليل وهو أهل الكتاب، وهؤلاء غير متمسكين بكتاب فلم تحل مناكحتهم، وقال إبراهيم الحربي روى عن بضعة عشر نفسا من الصحابة رضي الله عنهم أنهم قالوا: لا يحل لنا نكاح نسائهم. وقال أبو ثور: يحل لنا نكاح حرائرهم قياسا على الجزية. وقد قلنا إن هؤلاء ليسوا أهل كتاب فلم تحل مناكحتهم ولا أكل ذبائحهم كعبدة الأوثان.
وأما قول أبي إسحاق من أصحابنا وأبى ثور من الفقهاء فغير صحيح، لأنه لو جاز نكاحهم على القول بأن لهم كتابا لحل قتالهم على القول الذي يقول: لا كتاب لهم. هكذا أفاده العمراني في البيان.
(فرع) فأما المتمسكون بالكتب التي نزلت على الأنبياء صلوات الله عليهم كمن تمسك بصحف إبراهيم وزبور داود وشيث عليهم السلام، فلا يحل نكاحهم ولا وطئ الإماء منهم بملك اليمين، ولا يحل أكل ذبائحهم، وعلل الشافعي رضي الله عنه ذلك بعلتين إحداهما أن تلك الكتب ليس فيها أحكام، وإنما هي