(أحدهما) أن يكون عادما للطول وهو مهر حرة المحصنة. والمحصنات هنا هن الحرائر ولو كن أبكارا، والمحصنات أيضا المزوجات والمحصنات العفائف، أحصنت المرأة عفت عن الزنا، وكل امرأة عفيفة محصنة ومحصنة، وكل امرأة مزوجة محصنة بالفتح فقط، والحصان بفتح الحاء المرأة العفيفة، ولعل اللفظ مأخوذ في الأصل من الحصن وهو المكان الذي لا يقدر عليه لارتفاعه، وحصن بالضم حصانة فهو حصين، والحصان بالكسر الفرس العتيق، ولعله سمى بذلك لان ظهره كالحصن لصاحبه. وقيل إنه ضن بمائه فلم ينز إلا على كريمة. ومن هذه المادة كان إذا أصاب الحر البالغ امرأته أو أصيبت الحرة البالغة بنكاح فهو إحصان في الاسلام والشرك، والمراد في نكاح صحيح، واسم الفاعل من أحصن إذا تزوج محصن بالفتح على غير قياس والمرأة محصنة أيضا على غير قياس، ولذا قال تعالى (المحصنات).
(والثاني) أن يكون خائفا من العنت، والعنت الخطأ وأيضا المشقة، يقال أكمة عنوت أي شاقة. قال تعالى (عزيز عليه ما عنتم) وقال (ودوا ما عنتم) ومعناه هنا الفجور أو الوقوع في المشقة المفضية إلى الزنا، فإن خاف العنت أو لم يستطع الطول جاز له أن ينكح الأمة المسلمة، وبه قال ابن عباس وجابر رضي الله عنه م. ومن التابعين الحسن وعطاء وطاوس وعمرو بن دينار والزهري، ومن الفقهاء مالك والأوزاعي.
وقال أبو حنيفة: إذا لم يكن تحته حرة حل له نكاح الأمة وإن لم يخف العنت سواء كان قادرا على صداق حرة أو غير قادر، وقال الثوري وأبو يوسف: إذا خاف العنت حل له نكاح الأمة، وان لم يعدم الطول. وقال عثمان البتي: يجوز له أن يتزوج الأمة بكل حال كالحرة.
دليلنا قوله تعالى (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات) إلى قوله (ذلك لمن خشي العنت منكم) فلم يجز نكاحها إلا مع وجود الشرطين، فإن وجد مهر حرة مسلمة لم يجز له نكاح الأمة للآية. وإن كان مجنونا لم يحل له نكاح الأمة لأنه لا يخاف الزنا، وإن كان