وإن كان يبول منهما سواء أو خلق الله له موضعا آخر يبول منه فهو مشكل وإن كان يبول منهما الا أنه يبول من أحدهما أكثر ففيه وجهان:
(أحدهما) يعتبر بالأكثر لأنه أقوى في الدلالة.
(والثاني) لا يعتبر به، ولان اعتبار ذلك يشق. وحكى أن أبا حنيفة سئل عن الخنثى المشكل فقال: يحكم بالمبال، وقال أبو يوسف: إن كان يبول بهما.
قال: لا أدرى قال أبو يوسف: لكي أرى أن يحكم بأسبقهما بولا. قال أبو حنيفة أرأيت لو استويا في الخروج؟ فقال أبو يوسف بأكثرهما، فقال أبو حنيفة يكل أو يوزن؟ فسكت أبو يوسف.
وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الخنثى يورث من حيث يبول.
وممن روى عنه ذلك علي ومعاوية وسعيد بن المسيب وجابر بن زيد وأهل الكوفة وسائر أهل العلم.
وقال ابن قدامة في المغنى: قال ابن اللبان: روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مولود له قبل وذكر من أبن يورث؟ قال من حيث يبول) وروى أنه عليه السلام أتى بخنثى من الأنصار فقال (ورثوه من أول ما يبول منه) قلت: وان لم يكن فيه دلالة من المبال فهل يعتبر فيه نبات اللحية ونهود الثديين وعدد الأضلاع؟ فيه وجهان (أحدهما) يعتبر بنبات اللحية للرجال ونهود الثديين للنساء، وان استوت أضلاعه من الجانبين فهو امرأة، وان نقص أحد جانبيه ضلعا فهو رجل، لأن المرأة لها في كل جانب سبع عشرة ضلعا، والرجل من الجانب الأيمن سبعة عشر ضلعا ومن الجانب الأيسر ستة عشر ضلعا، لأنه يقال إن حواء خلقت من ضلع من جانب آدم الأيسر، فلذلك نقصت من الجانب الأيسر من الرجال، وراثة عن أبيهم.