ان الذي أحصى رمل عالج عددا لم يجعل في مال نصفا ونصفا وثلثا فالنصفان ذهبا بالمال، فأين الثلث، فقال له زفر من أول من أعال المسائل، فقال عمر فقال ابن عباس: وأيم الله لو قدموا من قدم الله وأخروا من أخره الله، ما عالت فريضة قط، فقال له زفر: من المقدم ومن المؤخر، فقال: من أهبط من فرض إلى فرض فهو المقدم، ومن أهبط من فرض إلى ما بقي فهو المؤخر، فقال زفر: هلا أشرت عليه، فقال: هبته، وكان امرءا مهيبا، فكان ابن عباس يدخل النقص على البنات والأخوات ويقدم الزوج والزوجة والام، لأنهم يستحقون الفرض بكل حال، والبنات والأخوات تارة يفرض لهن وتارة لا يفرض لهن، فيقول في زوجة، وابنتين وأبوين: للزوجة الثمن وللأبوين السدسان ثمانية وللابنتين ما بقي هو ثلاثة عشر.
ودليلنا ما روى ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: اقسموا الفرائض على كتاب الله عز وجل، ووجدنا ان الله فرض لكل واحد ممن ذكرنا من البنات والأخوات فرضا فوجب ان يقسم ذلك لهن، ولان الأخوات أقوى حالا من الام، والبنات أقوى حالا من الزوج والزوجة بدليل ان البنات يحجبن الزوج والزوجة، من النصف والربع إلى الربع والثمن، والزوجان لا يحجبانهن، والأخوات يحجبن الام والام لا تحجبهن، فكيف يجوز تقديم الضعيف على من هو أقوى منه، ولأنه لا خلاف ان رجلا لو أوصى لرجل بثلث ماله ولم يجز الورثة يقسم الثلث بينهما، وإذا ضاق مال المفلس عن ديونه قسم بينهم على قدر ديونهم، فوجب إذا ضاقت التركة عن سهام التركة ان يجعل لكل واحد منهم على قدر سهمه حسب قانون النسبة ويضرب به، ولأنه إذا كان هناك زوج وأختان لام وأم فلا بد ان ينتقض فيها بعض أصول ابن عباس، لأنه قال للزوج النصف وللأم السدس وللأختين الثلث نقض أصله في أن الأختين تحجبان الام من الثلث إلى السدس، وان قال: للزوج النصف وللأم الثلث وللأختين للأم الثلث نقض أصله لأنه ادخل النقص على من له فرض مقدر لا ينقص عنه، وان قال: للزوج النصف وللأم الثلث وللأختين للأم الثلث أعال الفريضة فنقض أصله في العول، والله تعالى اعلم بالصواب.