رجل من المنافقين يؤذي رسول الله (ص)، فقال: (من يعذرني من فلان؟)، قيل:
يا رسول الله، إنه مع ما به ولد زنى، فقال: (هو شر الثلاثة) والله تعالى يقول:
(ولا تزر وازرة وزر أخرى).
وأما قوله: (إن الميت يعذب ببكاء الحي) فلم يكن الحديث على هذا، ولكن رسول الله (ص) مر بدار رجل من اليهود، قد مات، وأهله يبكون عليه، فقال: (إنهم يبكون عليه وإنه ليعذب). والله يقول: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها (1).
كما أن عائشة قد نقدت أبا هريرة لما رواه عنه (ص) (من حمل ميتا فليتوضأ) فقالت: أو نجس موتى المسلمين؟ وما على رجل لو حمل عودا؟ (2) ونراها تنقد أيضا عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، والمغيرة بن شعبة، لروايتهم عن رسول الله حديث: (الميت يعذب ببكاء أهله عليه) فقالت: يرحم الله عمر، لا والله ما حدث رسول الله (إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه) ولكنه قال: (إن الله يزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه) ثم قالت: حسبكم القرآن (ولا تزر وازرة وزر أخرى). وقال ابن عباس عند ذلك: (والله أضحك وأبكى) (3) أي إن الابكاء لو كان من الله سبحانه وتعالى، فلماذا يعذب الميت ببكاء أهله عليه؟
ثم بينت عائشة سبب ورود الحديث عند نقدها لقول ابن عمر، فقالت:
رحم الله أبا عبد الرحمن، سمع شيئا فلم يحفظه، إنما مرت على رسول الله (ص) جنازة يهودي وهم يبكون عليه. فقال: (أنتم تبكون وإنه ليعذب) (4) ونراها تنتهج أسلوب النقد التعريضي في بعض الأحيان.