المقاعد (1) وباب الدرب لتعليم المسلمين وضوء رسول الله!
الثانية: عدم جرأة الخليفة على طعن الناس بالكذب أو البدعة أو الإحداث، بل اكتفى بقول: (لا أدري)، لعلمه بأن وضوء أولئك هو وضوء رسول الله وأن في تحدثهم عنه (ص) دلالة واضحة على مشروعية فعلهم، وأنه هو ذات العمل الذي كان في عهد النبي (ص).
ولو كان عثمان يملك دليلا واحدا - وإن كان ضعيفا - لما توانى عن طعنهم وردهم بأقسى رد، ولما اضطر لقول (لا أدري) وهو في حال صراع دائم معهم!
أليس من الغريب أن يقول (لا أدري) وهو الذي عاش مع النبي (ص) مدة طويلة في المدينة؟
وعليه.. يلزم اعتبار تجاهل الخليفة دليل ضعفه في قبال قوة معارضة!!
فاتضح مما سبق أن الخليفة عثمان بن عفان لم ينتهج منطق القوة والعنف - الذي مارسه ضد معارضيه عموما تجاه معارضيه في مسألة الوضوء، وإنما نراه في منتهى الليونة والوداعة معهم، مع كونهم من ألد خصومه، وبيدهم ما يمكن إثارة الرأي العام ضده، فنراه يطير فرحا ويحمد الله إذا ما وافقه أحد الصحابة على وضوئه، وحسبما نقلنا في صدر هذه الدراسة بأنه توضأ وذيل وضوءه بقول النبي (ص): (من توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلى ركعتين، كان من ذنوبه كيوم ولدته أمه)، ثم قال: أكذلك يا فلان؟ قال: نعم. ثم قال: أكذلك يا فلان؟ قال:
نعم.... حتى استشهد ناسا من أصحاب رسول الله (ص)، ثم قال: الحمد لله الذي وافقتموني على هذا (2).
وقد كان ديدن الخليفة دائما تذييل ما يحكيه من صفة وضوء رسول الله (ص)! وتثير هذه الظاهرة روح التحقيق عند الباحث.. إذ لماذا كل هذا التأكيد؟