توضأ كما أمر، وصلى كما أمر، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.. ثم استشهد رهطا من أصحاب النبي، يقول: هذا؟ قالوا: نعم (1).
ويقعد عثمان في المقاعد (2) ويتوضأ ويذيل وضوءه بأحاديث عن إسباغ الوضوء وإحسانه، ويكرر ذات الفعل في باب الدرب، ويشهد على ذلك من يرى رأيه وفقهه، وبذلك ليقنع المشاهد بأن وضوءه هو الإحسان أو الإسباغ الذي أمر به الرسول (ص).
وإنما تدل تلكم المؤشرات على أن عثمان بن عفان هو المخترع للفهم الجديد والاستحسان الفريد، وأن الأدلة الشرعية التي طرقت فهمه وجعلته يعطي للوضوء أبعادا جديدة ما كانت في ذهن المسلمين من قبل!
وراحت فكرة عثمان وأطروحته الوضوئية تتحرك بين أوساط المسلمين، فلاقت قبولا من البعض وذلك لما فيها من ظاهر (النظافة) ومن مبالغة في (القدسية) ومن عناية زائدة في الوضوء وغسلاته ومسحاته!
ولا يكشف ستار السر عن سبب ضحك الخليفة الثالث وتبسمه قبل وبعد وضوءاته الثلاثية المسبغة غاية الإسباغ، ولا في استدعائه الحاضرين ليسألوه عن سبب ضحكه، والحال أنهم لا يرون له مبررا لا من قريب ولا من بعيد.. نعم، لا يكشف الستار إلا إذا فهمنا أن الخليفة الثالث كان يريد استغلال الفرص ليلفت أنظار الحاضرين إلى وضوئه، حتى يسألوه عن مدى صحة ما يرتأيه في ذلك..
ومن ثم يأتي دور إجاباته التي يروم بها كسب أكبر عدد ممكن من المؤيدين لمدرسته الوضوئية.
فعن حمران، قال: دعا عثمان بماء فتوضأ، ثم ضحك.. فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟