ولماذا لم نلاحظ هذا التذييل في المرويات البيانية الأخرى المنقولة عن غيره من الصحابة في الوضوء؟ فما سر ذلك الاختصاص به دون غيره يا ترى؟
أما مطالبته أرباب المدرسة المخالفة له بأدلتها - وهي الطريقة الثالثة للردع والرد - فقد تغاضى عنها وأحجم، لعلمه أنهم يمثلون تيارا فكريا قويا وكبيرا نوعا وكما من جهة، وأن لا طاقة له على محاججتهم من جهة أخرى.. فأعلام المدرسة المخالفة للخليفة على منزلة من الصحبة والسابقة والقدم والتفقه، وقد رأوا بأم أعينهم كيفية وضوء رسول الله (ص) منذ بداية التشريع حتى انتقاله (ص) إلى بارئه عز وجل، ونقلوا ذلك للمسلمين، وداوموا على فعله على الرغم من مخالفة الخليفة لذلك.
والأكثر غرابة.. أن الخليفة لم يقدم أدلته وبراهينه للمسلمين على صحة وضوئه وسلامة فهمه، بل اكتفى في نقله لوضوء رسول الله (ص)، ولجأ إلى عملية إشهاد من يوافقه على صحة نقله! وقد يحتمل أن يكون ألزم معارضيه بالشهادة على ذلك قسرا!
كل ذلك ينبئ عن كون الخليفة في موقف المفكر الطارح لفكرة يعارضه عليها جمع غفير..
فهو يشهد ويدلل، ويعضد وضوءه بمرويات متسالم عليها بين المسلمين، في محاولة منه لنقلهم من شئ معلوم إلى إثبات مجهول.
فعن حمران، قال: أتيت عثمان بوضوء، فتوضأ للصلاة، ثم قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: من توضأ فأحسن الطهور، كفر عنه ما تقدم من ذنبه، ثم التفت إلى أصحابه فقال: يا فلان! أسمعتها من رسول الله؟.. حتى أنشد ثلاثة من أصحابه، فكلهم يقول: سمعناه ووعيناه (1).
وعن عمرو بن ميمون، قال: سمعت عثمان... يقول: قال رسول الله: من