الأسئلة والإشكالات حتى على نفسه، فيدرس الشبهات المطروحة بروح علمية وأناة وموضوعية.
والواقع أن الزرعي - حسب استنتاجنا - كان من القسم الثاني، إذ تراه يلجأ إلى الفحش والسباب أسلوبا في تعامله، وينقل وجها من القضية مغفلا الآخر، كالذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض. وهو يعبر - بهذا - عن ضعفه وعن هزيمته الداخلية.
وإني أستبعد أن يكون شخص كالزرعي قد ادعى أنه راجع عدة كتب في فقه الشيعة ورجالها وأشار إلى صفحاتها أن لا تكون قد مرت به - أثناء مطالعته - الأدلة المادحة لزرارة وهي أكثر من أن تحصى، منها قول الكشي - الذي انحصرت روايات ذم زرارة عنه -: (اجتمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفر وأصحاب أبي عبد الله، وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا: أفقه الأولين ستة: زرارة...) (1).
وقول الصادق لجميل بن دراج: (بشر المخبتين بالجنة: بريد بن معاوية العجلي، وأبا بصير ليث بن البختري المرادي، ومحمد بن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء أمناء الله على حلاله وحرامه، لولا هؤلاء انقطعت آثار النبوة واندرست) (2).
أو قوله عنهم: (هؤلاء القوامون بالقسط، القوالون بالصدق).
أو قوله: (رحم الله زرارة بن أعين، لولا زرارة ونظراؤه لاندرست أحاديث أبي) (3).
وفي آخر: (هؤلاء حفاظ الدين وأمناء أبي على حلال الله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا، والسابقون إلينا في الآخرة).