فزرارة أجل من أن يرد فيه شك، وأن الشيعة وبطرقهم الحديثية والرجالية هم أدرى بقيمة زرارة ومكانته عند الصادق من الزرعي وأضرابه الذين يريدون التمويه والتضليل وقلب الحقائق.
لنرجع إلى حديث وضوء علي بن أبي طالب..
اتضح للمطالع - وفق الصفحات السابقة - أن الإمام عليا كان يتوضأ الوضوء الثنائي المسحي، وقد أكدنا على هذا الأمر مرارا، وقد جاء عن الإمام محمد بن علي الباقر أنه غسل وجهه وظاهر جبينه مرة واحدة، ثم غمس يده اليسرى فغرف بها فملأها ثم وضع الماء على مرفقه الأيمن، فأمر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه، ثم غرف بيمينه فملأها، ووضع على مرفقه الأيسر فأمر كفه على ساعده حتى جرى الماء على أطراف أصابعه، ومسح مقدم رأسه وظهر قدميه ببلة يساره وبقية بلة يمناه.. ثم قال: إن رجلا سأل أمير المؤمنين عن وضوء رسول الله، فحكى له مثل ذلك (1)!
وقد جاء ما حكاه الإمام الباقر عن أمير المؤمنين في كنز العمال كذلك، وهو مما يؤيد المرويات المنقولة عن أئمة أهل البيت في كتب الإمامية.
إن هذا كله ليدلنا على أن الإمام شرف الدين لا يريد المراوغة والتضليل بل إنه كان معنيا بتوضيح الحقائق وكشف المجهولات وعمله هذا لم يرض دعاة الجمود والآمرين بكم الأفواه والأسماع!
إن الإنسان - كما نعلم - لا يخرج في بحوثه العلمية عن إحدى ثلاث:
1 - أن يصل إلى نتيجة مغلوطة، أي أن المقدمات التي بناها في بحثه كانت مقدمات خاطئة، وقد يعذر شخص كهذا.
2 - أن يسعى للتضليل وتمويه الحقائق، أي أنه يقف على أدلة الآخرين ويدركها، لكنه يتجاهلها أو ينقلها مبتورة، أو محرفة، انسياقا وراء العصبية والطائفية واتباعا لما وجد عليه الآباء!
3 - أن يصل إلى الحقيقة عن قناعة واستيقان، فتراه لا يتهيب من مواجهة