بعض ملابسات التشريع، كما وقفنا على طريقة الزرعي في نقله الأخبار، وكيف عمد إليها فبترها أو نقلها محرفة لأغراضه، فكان شأنه شأن بعض المتعصبة الذين أشاعوا عن مخالفيهم أنهم قالوا (لا إله) ولم يكملوا قولهم (إلا الله) للطعن فيهم ونسبة الشرك والكفر إليهم!
من هنا أخاطب الزرعي: إنك لو كنت تريد حقا الاعتماد على مراجع الشيعة (وكتبهم الموثوقة، حتى يسقط من أيدي هؤلاء الأخباث السلاح) (1)، لوجب أن تلتزم النزاهة والأنصاف، فتنقل أخبارهم كاملة لا ناقصة ولا مبتورة، إذ أنك لو أردت الاعتماد على أوله للزمك قبول آخره، ولا يصح تبعيض الصفقة، والأخذ بالبعض، والادعاء تقولا بأن الباقي من وضع المفيد وأمثاله!!
فلو كان الحديث موضوعا فالوضع لا بد أن يشمل جميع الخبر، ولو لم يكن موضوعا فعليك قبول ذيله كما قبلت أوله.
وقد ذكرني عمل الزرعي هذا بما حكاه لي والدي عن عمل التبشير المسيحي ضد الإسلام في إفريقيا أواخر الخمسينات.
إذ قال لي: ومن أفعالهم أنهم طبعوا كتابا ضد القرآن، أثاروا فيه أكثر من ألف ومائتي شبهة منها ما يتعلق بوجوه الأعراب، ومنها ما يتعلق بالمعاني والبلاغة، مدعين وجود التناقض في كلام الله، وأن القرآن ليس بمعجزة خالدة، ليشككوا بسطاء المسلمين في دينهم!
وقد جئ بنسخة من هذا الكتاب إلى العلامة المرحوم السيد هبة الدين الشهرستاني لينقده، فلما تصفح الكتاب، تنفس الصعداء وقال: قاتل الله الأهواء والعصبية والميل إلى الدنيا، كيف سول لهم تحريف الحقائق فتراهم ينقلون وجها تاركين الوجه الآخر منه.
إن شبهات هذا الكتاب أسئلة وأجوبة متبادلة بين محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي وأخ له في الدين، وقد تذاكروها وجمعوا النتاج في كتاب أسئلة القرآن وأجوبتها، أو مسائل الرازي من غرائب التنزيل.