ويبحث معهم تلك المسألة، ثم يخرج بالنتيجة الفقهية المتوخاة من البحث، فتراه يطرح البحوث العلمية الفقهية على الصحابة ممن عاصروه، أمثال: علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، والزبير، وطلحة، وعبد الله بن مسعود، وغيرهم من كبار الصحابة.
فإذا كان ثمة اختلاف أو إبهام في الوضوء في الصدر الأول.. فلم لم تطرق هذه المسألة المهمة مجالس أولئك الصحابة؟!
إن هذا ليؤكد بوضوح استقرار المسلمين في الوضوء أثناء تلك المرحلة الزمنية من الإسلام.. بل المسألة كانت من البداهة والشيوع بحيث أصبحت من أوليات الرسالة المحمدية ومسلماتها التي عرفها الجميع بما ينبغي، دون أدنى شك أو ترديد أو التباس.
ومن الواضح أن الصحابي الذي لا يعرف الوضوء، أو تراه يسأل عن كيفيته، يعد متهاونا ومتساهلا في الدين، بل ويكشف سؤاله عن التشكيك في صلاته وعباداته، وأنه مدع للصحبة ليس إلا، إذ كيف يعقل أن يصاحب رجل النبي، وهو لا يعرف وضوءه ولا حيثياته ولا أصول دينه وفروعه وآدابه وسننه وواجباته مع كون النبي قد عاش بين ظهرانيهم ثلاثا وعشرين سنة!
وإذا قيل لنا: إن فقيها من فقهاء المسلمين في زماننا الحاضر لا يعرف تفاصيل الوضوء، أو أنه يسأل عنها.. فإننا والحال هذه: إما أن لا نصدق ما قيل عنه، أو أن نرميه بالجهل وعدم الفقاهة، على الرغم من بعده عن عصر الرسالة بأربعة عشر قرنا.
فكيف يا ترى يمكننا تصور ذلك في صحابي، بل في صحابة قد عاشوا مع النبي وترعرعوا بين يديه ورأوه بأم أعينهم وهو يمارس عباداته وطقوسه التي فرضها الله عليه وعليهم؟!
نعم، نحن لا ننكر أن يكون نقل الراوي لصفة وضوء رسول الله، أو سؤاله عن بعض خصوصيات الأحكام جاء لتعليم الآخرين، لكننا نعاود السؤال ونقول: لماذا