التابعين مما كتبوه عن أصحاب رسول الله (1).
وقد وشى البعض بأحمد عند المتوكل بأنه يشتم آباءه ويرميهم بالزندقة، فأمر المتوكل بضرب ذلك الرجل الواشي، وعندما سئل عن ذلك قال:
(لأنه قذف هذا الشيخ الرجل الصالح أحمد بن حنبل) (2).
نعم، لقد استمع المتوكل إلى أقوال الجواسيس بأن أحمد يؤوي أحد العلويين الهاربين من المتوكل، فأمر بكبس داره وتفتيشها، فلما تحققوا من كذب ذلك عفا عنه المتوكل (3).
وكان المتوكل يصله بصلات سنية، ويعطف عليه، وعين له في كل شهر أربعة آلاف درهم، وطلبه إلى سامراء ليتبرك برؤياه، وينتفع بعلمه، فامتنع أحمد، ثم قبل ذلك (4).
وروي عنه أنه قال: (ما أرى الرافضة على الإسلام) (5).
فقد كسب عطف المتوكل حتى قيل: إن بعض أمراء المتوكل قالوا له: إن أحمد لا يأكل لك طعاما ولا يشرب لك شرابا ولا يجلس على فراشك ويحرم ما تشربه.
فقال المتوكل لهم: والله لو نشر المعتصم وكلمني في أحمد ما قبلت منه (6)!
في مثل تلك الظروف التي قمع فيها الشيعة والمعتزلة وقرب المحدثين..
سطع نجم أحمد بن حنبل، وألف كتابه (المسند). وكان إذا سئل عن حديث، قال: (انظروا، فإن كان في المسند فنعم، وإلا فليس بحجة).
وكان أحمد قد جمع المسند في أوراق منفردة، وفرقه في أجزاء متفرقة،