بظهور أبي العباس السفاح والدولة العباسية وشعارها السواد (1)، وكان يقول: (إ ن العباس أبو الخلفاء) (2).
وثبت على ولائه رغم ما أصابه من محنة خلق القرآن وضربه بالسياط. وقد استفتاه جماعة في الخروج على الواثق فرفض ذلك وأقر خلافته بقوله: (إن الخارج عليه شاق لعصا المسلمين ومخالف للآثار عن رسول الله).
ويعزى تحرجه عن أخذ أموال بني العباس لكونها مغصوبة لا خدشة في مشروعية خلافتهم!
وكان يرى عليا رابع الخلفاء الراشدين، في الوقت نفسه لم يلتزم أن يكون معاوية باغيا على الإمام علي - كما ذهب إليه الشافعي.
والجدير ذكره أن الإمام أحمد لم يشتهر كباقي أصحاب المذاهب، ويرجع البعض سبب ذلك إلى أنه كان محدثا ولم يكن فقيها، حتى قيل أن ما شهرته كانت بسبب عدم قوله بخلق القرآن وقد قال بها بعدما ضرب ثمانية وثلاثين سوطا أيام المعتصم. ولما تولى الواثق أعاد امتحان أحمد، لكنه لم يصبه بأذى، واكتفى بمنعه من الاجتماع بالناس، فأقام أحمد مختفيا لا يخرج إلى الصلاة ولا إلى غيرها حتى مات الواثق.
وتولى المتوكل الخلافة سنة 232 ه واشتدت وطأته على العلويين، وعرف ببغضه لأهل البيت، وطرد المعتزلة من حاشيته، ونكل بابن أبي داود ومحمد بن عبد الملك الزيات وصادر أموالهم، وأخذ يقرب أصحاب الحديث ويأمر المحدثين أن يجلسوا للناس ويتحدثوا إليهم، وأعطاهم الأموال والمكانة، حتى أن ابن كثير نقل إن تولية يحيى بن أكثم كانت بمشورة الإمام أحمد بن حنبل (3)، وفي نص آخر إن المتوكل قال له: يا أحمد، إني أريد أن أجعلك بيني وبين الله حجة فأظهرني على السنة والجماعة، وما كتبته عن أصحابك عما كتبوه عن