من ذلك ما صار أصلا للنعمة، وانضاف رزق الخليفة إلى ما كان يجريه علي ذلك القائد.
ولزمت الدار، فكان هذا الخادم يستفتيني، وهذا يشاورني، فأفتي وأشير، فصارت لي مكنة فيهم، وحرمة بهم، وصلاتهم تصل إلي وحالتي تقوى. ثم استدعاني الخليفة وطاولني واستفتاني في خواص أمره وأنس بي، فلم حالي تزل تقوى معه حتى قلدني قضاء القضاة (1).
هذا حال أشهر تلامذة الإمام أبي حنيفة الناشر لفقهه والمدون لآرائه. وقد وقفت على دور الدولة في الأخذ بفتواه والعمل برأيه وجعله قاضيا للقضاة، وجلوسه في البيت لإفتاء الناس!!
أما محمد بن الحسن الشيباني، فهو ثاني أبرز تلامذة أبي حنيفة، وقد درس عليه وناظر وسمع الحديث، لكن غلب عليه الرأي.
قدم بغداد ودرس فيها، ثم خرج إلى الرقة وفيها هارون الرشيد، فولاه قضاء الرقة، وأخرجه هارون معه إلى الري فمات بها.
كان ملازما للسلطة العباسية وألف في الفقه الكثير.
قال أبو علي الحسن بن داود: فخر أهل البصرة بأربعة كتب، منها: كتاب البيان والتبيين للجاحظ، وكتاب الحيوان له، وكتاب سيبويه، وكتاب الخليل في العين، ونحن نفخر بسبعة وعشرين ألف مسألة في الحلال والحرام عملها رجل من أهل الكوفة يقال له محمد بن الحسن الشيباني قياسية عقلية لا يسع الناس جهلها (2).
وقد ألف كتاب (الجامع الصغير) عن أبي يوسف عن أبي حنيفة، و (الجامع الكبير)، وله مؤلفات فقهية أخرى، منها: (المبسوط في فروع الفقه) و (الزيادات) و (المخارج من الحيل) و (الأصل) و (الحجة على أهل المدينة) وغيرها من