وبينه، وكان القزاز هذا قد أخذ أربعين ألف مسألة عن مالك (1).
وأمر الرشيد عامله على المدينة بأن لا يقطع أمرا دون مالك، واشتهر عن الرشيد أنه كان يجلس على الأرض أمامه لاستماع حديثه.
قال ابن حزم: مذهبان انتشرا في مبدأ أمرهما بالرياسة والسلطان، مذهب أبي حنيفة، فإنه لما ولي أبو يوسف القضاء كان لا يولي قاضيا إلا من أصحابه والمنتسبين إلى مذهبه، والثاني مذهب مالك... (2).
فلاحظ كيف صار فقه رسول الله يدون من قبل الحكام الذين لا يهمهم إلا الحكم!!
وكيف استغلوا الفقهاء لترجيح الآراء المخالفة لفقه الطالبيين وأنصار التعبد المحض، ليكون نهجا في الحياة دون فقه أهل البيت.
وقد طمأن مالك المنصور بأن الفقه سيبقى في أيديهم وليس لأهل البيت نصيب فيه، فجاء فيما قاله:
يا أمير المؤمنين، لا تفعل، أما هذا الصقع فقد كفيتكه، وأما الشام ففيه الرجل الذي علمته - يعني الأوزاعي. وأما أهل العراق فهم أهل العراق!!
وأن جملة (وأما الشام ففيه الرجل الذي علمته) تعني عداءه وبغضه لأهل البيت، وأنها هي المطلوبة، أي أنك قد حصلت على النتيجة دون مقدمات. وقد عرف عن المنصور أنه كان يعظمه ويراسله لما عرف عنه من الانحراف عن آل محمد.
قال الدهلوي في حجة الله البالغة: (فأي مذهب كان أصحابه مشهورين وأسند إليهم القضاء والإفتاء واشتهرت تصانيفهم في الناس، ودرسوا درسا ظاهرا انتشر في أقطار الأرض، لم يزل ينتشر كل حين. وأي مذهب كان أصحابه خاملين، ولم يولوا القضاء والافتاء، ولم يرغب فيهم الناس اندرس بعد حين) (3).