هذا بالنسبة إلى المذاهب الحكومية، أما مذهب أهل البيت فلم يكن يسمح بتداوله، بل إن اتباع هذا المذهب، بممارساتهم الطقوس الدينية والعبادات الشرعية، يعرفون أنهم من المخالفين لنظام السلطة.
هذا وإن أشهر كتب المذهب المالكي هي: المدونة، الواضحة، العتيبة، الموازنة.
لنرجع قليلا وندرس هدف المنصور من توحيد الفقه وجعله فقها واحدا وهنا آراء عدة:
أولها: حرص المنصور على الإسلام والدين حدا به أن يسعى لردم هوة الخلاف وتوحيد المذاهب في مذهب واحد!!
إلا أن هذا الرأي منقوض بما عرف عن عدم تدين المنصور وشدة ولعه بالدماء، وعدم رعايته لما أوجبه الله، بل تهتكه وإهانته للعلماء. ولو سلمنا جدلا بسلامة نيته، فلماذا يكون مذهب مالك هو المختار دون غيره؟
ولم يكون مذهبه دون غيره مجزيا ومبرئا للذمة، مع وجود فقهاء آخرين كربيعة الرأي مثلا؟
ولماذا نراه يعلم الإمام مالكا ويرسم له طريق التدوين (تجنب شدائد ابن عمر، وشواذ ابن مسعود، ورخص ابن عباس) إن كان مالك مختارا؟!!
ولماذا يقول له: (خذ بكلام ابن عمر وإن خالف عليا وابن عباس)؟!
وغيرها.
ثانيها: المعروف أن المنصور طلب من مالك أن يدون الفقه لما علم من رسالة ابن المقفع إلى جمع من الصحابة ذاكرا فيها نقائص وعيوب نظام القضاء - في عهد المنصور بالقياس إلى ما كان في عهد الدولة الأموية -.
وهذا الرأي أيضا لا يصمد للتحقيق والنقد، إذ نراه يواجه نفس الإشكال السابق وهو فقدان المرجح الذي يرجح مذهب مالك على سائر المذاهب، واختصاص كتابه (الموطأ) به مع وجود علماء كبار يشهد مالك بأنهم أفضل منه وأعلم.
ثم إن خلل نظام القضاء يزعزع كيان الدولة، فلو كان ذلك هو الباعث على