فقال بصوت ضعيف: هو أمان.
واستلبه أبو البختري وهب بن وهب فقال: هذا باطل منتقض، قد شق عصا الطاعة وسفك الدم فاقتله، ودمه في عنقي!
فدخل مسرور إلى الرشيد فأخبره فقال له: اذهب فقل له: خرقه إن كان باطلا بيدك، فجاءه مسرور فقال له ذلك، فقال: شقه يا أبا هاشم.
قال له مسرور: بل شقه أنت إن كان منتقضا.
فأخذ سكينا وجعل يشقه ويده ترتعد حتى صيره سيورا، فأدخله مسرور على الرشيد فوثب فأخذه من يده وهو فرح وهو يقول له: يا مبارك يا مبارك!
ووهب لأبي البختري ألف ألف وستمائة ألف، وولاه القضاء وصرف الآخرين، ومنع محمد بن الحسن من الفتيا مدة طويلة، وأجمع على إنفاذ ما أراده في يحيى ابن عبد الله (1).
بهذه الطريقة كانوا يستخدمون الفقهاء، ويغيرون الأحكام الشرعية.
وإن السياسة العباسية - كغيرها من السياسات - كانت مبتنية على الترغيب والترهيب، وإن الطالبيين من أبناء علي كانوا أكثر الناس ظلامة.
ولو درسنا حال يحيى بن عبد الله بن الحسن، وهو أحد الطالبيين، وما جرى عليه من الظلم لوقفت على الحقيقة، ولننقل خبر يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين وكيف كان يريد الالتقاء بعمه عيسى بن زيد.
قال يحيى بن الحسين بن زيد: قلت لأبي: يا أبه، إني أشتهي أن أرى عمي عيسى بن زيد، فإنه يقبح بمثلي أن لا يلقى مثله من أشياخه، فدافعني عن ذلك مدة، وقال: إن هذا أمر يثقل عليه، وأخشى أن ينتقل عن منزله كراهية للقائك إياه فتزعجه.
فلم أزل به أداريه وألطف به حتى طابت نفسه لي بذلك، فجهزني إلى الكوفة وقال لي: إذا صرت إليها فاسأل عن دور بني حي، فإن أدللت عليها فاقصدها في السكة الفلانية، وستري في وسط السكة دارا لها باب صفته كذا وكذا، فاعرفه