سلطان الدولة. وقد مر عليك سابقا خبر الرجل الذي جاء الرشيد مخبرا بمكان اختفاء يحيى بن عبد الله بن الحسن وتعرفه عليه إثر جمعه بين الصلاتين، وقول الرشيد له: لله أبوك لجاد ما حفظت تلك صلاة العصر وذلك وقتها عند القوم.
وقول سليمان بن جرير لإدريس بن عبد الله بن الحسن: إن السلطان طلبني لما يعلمه من مذهبي، فجئتك...
وقد نقلنا قبل ذلك حديث أبي مالك الأشعري، وكيف كان يتخوف من إتيان صلاة رسول الله، ويقول: هل فيكم أحد غيركم؟
فقالوا: لا، إلا ابن أخت لنا.
قال: ابن أخت القوم منهم، فدعا...
وغيرها الكثير. وهي جميعها تؤكد على أن الفقه الإسلامي صار يستقي منابعه من طريقين:
1 - السلطان ومن يعمل معه.
2 - الطالبيون، وقد انحصر هذا الخط بجعفر بن محمد الصادق وآله.
وإن الفقهاء والمحدثين والقراء غالبا ما كانوا يدورون في فلك السلطان يرسمون القواعد ويوقفون الخليفة على الحلول، وكان الخليفة يقرب من العلماء من يخدم أهداف السلطان ويبعد من لا يرتضي التعاون معه بل يرفضه!
فقد نقل المؤرخون: إن الرشيد أعطى الأمان ليحيى بن عبد الله بن الحسن، ثم ظفر به وبعد ذلك سعى لنقض الأمان، فاستعان بالفقهاء لتسويغ غدره هذا.
نترك تفاصيل الخبر لأبي الفرج الأصفهاني، قال في سياقه خبر مقتل يحيى ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب:
ثم جمع له الرشيد الفقهاء وفيهم: محمد بن الحسن صاحب أبي يوسف القاضي، والحسن بن زياد اللؤلؤي، وأبو البختري وهب بن وهب، فجمعوا في مجلس وخرج إليهم مسرور الكبير بالأمان، فبدأ محمد بن الحسن فنظر فيه فقال:
هذا أمان مؤكد لا حيلة فيه - وكان يحيى قد عرضه بالمدينة على مالك، وابن الدراوردي وغيرهما، فعرفوه أنه مؤكد لا علة فيه.
قال: فصاح عليه مسرور وقال: هاته، فدفعه إلى الحسن بن زياد اللؤلؤي