قال: (لا).
قال: يزعمون أنه اللمس؟
قال: (لا والله، ما اللمس إلا الوقاع) - يعني الجماع - ثم قال: (كان أبو جعفر - أي الباقر - بعدما كبر يتوضأ ثم يدعو الجارية فتأخذ بيده فيقوم فيصلي) (1).
نعم إن صدور مثل هذه الروايات عن الصادق تدلل على أن الوضع الديني لم يكن عاديا، بل نرجح - على فرض صدور الروايات عنه - أن صدورها كان في السنين الثلاث الأخيرة من عمره الشريف، أي بعد الإطاحة بثورتي النفس الزكية في المدينة وأخيه إبراهيم الإمام بالبصرة.
وإن الواقف على مجريات الأحداث في العهد العباسي وخصوصا في النصف الثاني من عهد المنصور إلى أواخر عهد الرشيد، والعارف بأساليب الحكام والإرهاب ضد أولاد علي وشيعته.. يدرك مدى الظلم الواقع على أهل البيت آنذاك. وقد مر عليك سابقا خبر ريطة وجثث الهاشميين وتسليم تلك الخزانة للمهدي العباسي، وخبر يحيى بن عبد الله بن الحسن وأنه لم يكن قادرا أن يصرح بأن بنته هي بنت رسول الله وليس له أن يزوجها لذلك السقاء. وقرأت قبلها عن بني الحسن وكيف سامهم المنصور إذلالا وأودعهم بطون السجون المظلمة بحيث كانوا لا يعرف وقت الصلاة فيها إلا بتلاوة علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن (2).
إن من يقف على هذه الأمور يدرك أن التقية كانت هي السبيل الأوحد لبقاء فقه العلويين ونهجهم، علما بأن التقية لم تكن نفاقا كما يطرحه البعض، إذ أن النفاق هو إظهار الأيمان مع كتمان الكفر. أما التقية فهي إظهار المسايرة والموافقة والعمل بخلاف الواقع لحفظ الدماء والإعراض وما شابه ذلك، وكتمان الأيمان..
ضمانا لاستمرار مسيرة الخط الإسلامي الأصيل.
بعبارة أخرى: الكافرون هم الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، مثل