إخوانكم ليحكم بينه وبينه، فأبى إلا أن يرافعه إلى هؤلاء، كان بمنزلة الذين قال الله عز وجل فيهم: ألم تر الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به).
وسئل الصادق عن قاض بين قريتين يأخذ من السلطان عن القضاء الرزق؟
فأجاب: (إن ذلك سحت، وإن العامل بالظلم والمعين له والراضي به كلهم شركاء).
وعليه فقد عرفت أن الشيعة سموا بالرافضة لرفضهم التعاون مع الحكام لا لرفضهم الإسلام كما ينادي به أعوان الظلمة!
كل هذه النصوص تدلل على تضاد في الرؤى والأهداف بين السلطة وأهل البيت، وإن صدور هذه النصوص عن أئمة أهل البيت في تلك الفترة يعني أن الحكومة غير شرعية. ومن الطبيعي أن تكون هذه الرؤية مما يزعج الحكام إذ يرون السلطتين التشريعية والتنفيذية في أيديهم، وهم يسعون بما يقدمونه من آراء أن ينالوا ثقة الناس، فكيف يسمح لهؤلاء أن يحطوا من لا يرون قيمة للسلطان؟!
وعليه فإن مخالفة الشيعة للحكام لم تكن لغصبهم الخلافة وكونهم خلفاء غير شرعيين فحسب بل لجهلهم بكتاب الله وسنة نبيه. وستقف على أقوالهم لاحقا.
إن السلطة الحاكمة اعتبرت هذا التصور خروجا عن الطاعة، ومن هنا كانوا يعتبرون اتهامهم الأئمة وشيعتهم بسوء العقيدة والخروج عن الإسلام، ثم دعوة وعاظ السلاطين للنيل منهم والتهجم عليهم، ضرورة سياسية يفرضها الواقع الاجتماعي. وإن تهمة الغلو في الأئمة وما واكبها من مصاعب كان من تأثيرات السياسة، وإن الساسة كانوا وراءها، فإنهم لم يكتفوا بما أشاعوه عن الصادق بل نسبوا إلى مخالفيهم السياسيين الآخرين كسفيان الثوري وأبي حنيفة تهما أيضا، وذلك لأن الإمام أبا حنيفة ناصر الثورات العلوية كثورة زيد بن علي ومحمد النفس الزكية وإبراهيم الإمام وإنه كان يفتي برأي علي بن أبي طالب، وقال بأن الخلافة هي حق ولد علي من فاطمة وإن الخلفاء قد غصبوا هذا الحق، وذهب إلى أن عليا كان محقا في قتاله أهل الجمل، وقال عن يوم الجمل: سار علي فيه بالعدل وهو