وسياسيا إذ نرى الراوي يؤكد على الفعل الثلاثي وغسل الأرجل ويتناسى حكم الرأس، لأن النزاع بين هؤلاء الأربعة وعثمان كان فيهما.
وكذا توحي العبارة بأن طلحة والزبير وعليا وسعدا هم المعنيون بجملة (وذلك لشئ بلغه عن وضوء رجال)!
وعليه فنسبة هذا الخبر إلى هؤلاء الصحابة جاء للتقليل من أهمية القضية، لأنهم - وكما عرفت - من المخالفين المطردين لفقه عثمان، ومن جملة (الناس) المخالفين للخليفة الثالث في وضوئه..
ومن ذلك ما أخرجه النسائي بسنده عن شيبة: إن محمد بن علي (الباقر) أخبره، قال: أخبرني أبي علي (زين العابدين) أن الحسين بن علي قال: دعاني أبي علي بوضوء فقربته له، فبدأ فغسل كفيه ثلاث مرات قبل أن يدخلهما في وضوئه، ثم مضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا، ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المرافق ثلاثا، ثم اليسرى كذلك، ثم مسح برأسه مسحة واحدة، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاثا، ثم اليسرى كذلك، ثم قام قائما فقال: ناولني، فناولته الإناء الذي فيه فضل وضوئه فشرب من فضل وضوئه قائما، فعجبت، فلما رآني، قال: لا تعجب فإني رأيت أباك النبي (ص) يصنع مثل ما رأيتني صنعت يقول لوضوئه هذا وشرب فضل وضوئه قائما (1).
إن علامات الوضع بارزة على هذا الخبر، ولا أكلف نفسي مؤنة الجواب عنه، لأن الصفحات القادمة ستثبت أن وضوء علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وابن عباس وغيرهم من أولاد علي هو غير المنقول هنا.
ولا أدري ما معنى قوله: (فعجبت، فلما رآني قال: لا تعجب، فإني...)؟
وهل أن الحسين بن علي كان يعتقد أن شارب فضل ماء الوضوء واقفا مبدع، كما ترى تعجبه؟!!