دراسات في المكاسب المحرمة - الشيخ المنتظري - ج ١ - الصفحة ٢٢٦

____________________
واستدلوا بها أيضا لحرمة الانتفاع بالأعيان النجسة والمتنجسات غير القابلة للتطهير.
وفي مصباح الفقاهة حكى عن بعض الأعاظم الاستدلال بالآية في المقام ثم رده بما لفظه: " إن المقصود من الخبائث كل ما فيه مفسدة ورداءة ولو كان من الأفعال المذمومة المعبر عنه في الفارسية بلفظ " پليد ". ويدل على ذلك إطلاق الخبيث على العمل القبيح في قوله - تعالى -: (ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث). ويساعده العرف واللغة. وإذن فالآية ناظرة إلى تحريم كل ما فيه مفسدة ولو من الأعمال القبيحة، فلا تعم شرب الأبوال الطاهرة ونحوها مما تتنفر عنها الطبائع. " (1) أقول: الظاهر أنه أراد بذلك أن المتبادر من لفظ الخبيث هو ما يكون بذاته رديا و قبيحا بأن يترتب عليه المفاسد والمضار، ولا دخل لابتهاج الإنسان بالشيء أو تنفره عنه، في حسنه أو قبحه ورداءته. فما لم يحرز كون شيء أو فعل قبيحا مشتملا على المفسدة لم يثبت حرمته، وليس الشك في خباثة شيء من قبيل الشك في المحصل حتى يجب الاحتياط فيه. هذا.
ولكن يمكن أن يقال: إن الألفاظ الملقاة من ناحية الشرع المبين لا تحمل على خصوص المصاديق المعهودة من قبل الشرع. بل على المطلق الشامل للمصاديق العرفية والشرعية.
والمتبادر من لفظ الخبيث عند العرف كل ما يكون رديا قبيحا في طباعهم وفطرتهم من الأعيان القذرة المكروهة والأفعال القبيحة المستبشعة المعبر عن جميع ذلك بالفارسية ب‍ " پليد ". وهذا معنى عام يشمل استعمال ما يتنفر عنه الطباع السليمة في الأكل والشرب اختيارا، ولا دليل على اعتبار المفسدة في صدق الخبيث. ولو سلم اعتبار كون رداءة الشيء

١ - مصباح الفقاهة ١ / 38، والآية المذكورة من سورة الأنبياء (21)، رقمها 74.
(٢٢٦)
مفاتيح البحث: سورة الأنبياء (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 230 231 232 ... » »»
الفهرست