الخطاب، ومن يقول به لا يقول إذا علق الحكم بالاسم كان ما عداه بخلافه، وهاهنا تعلق الحكم بالاسم، وأما قوله " والسكر من كل شراب " فمعناه المسكر من كل شراب، وقد روي في بعض الألفاظ ذلك، ولو لم يكن مرويا لكان معلوما لأن السكر لا يصح النهي عنه لأنه من فعل الله تعالى فينا كالجنون والمرض، ووصفه بالتحريم لا يجوز، ثبت أنه أراد المسكر.
فإن قيل: فما الفائدة في الخبر والتفرقة بين السكر والخمر إذا كان الكل واحدا؟
قلنا: له فائدتان: إحديهما أن الله تعالى حرم الخمر بنص الكتاب، وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله ما عداها من المسكرات، فكان معناه حرمت الخمر نفسها بالقرآن والمسكر بالسنة، والثانية أراد به تغليظ النهي في المسكرات فذكرها في الجملة ثم أفردها بالذكر فقوله الخمر كناية عن المسكرات كلها ثم أفردها بالذكر تأكيدا للنهي كقوله: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى.
وما رووه عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وآله قال: اشربوا ولا تسكروا، فالجواب عنه أنا نقلنا عنه أنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وآله عن شراب العسل فقال: ذلك التبع، فقلت: إنهم ينبذون من الذرة، فقال: ذلك المزر أخبر قومك أن كل مسكر حرام، فإذا ثبت هذا يكون قوله " اشربوا ولا تسكروا " معناه ولا تشربوا المسكر بدليل ما رواه في الخبر الآخر، وبدليل أن السكر لا ينهى عنه على ما مضى.
وما رووه عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وآله أتى نبيذ السقاية فشمه وقطب واستدعى ذنوبا من ماء زمزم فصبه فيه وقال: إذا اعتملت عليكم هذه الأنبذة فاكسروها بالماء.
فالجواب عنه أن نبيذ السقاية ما كان مسكرا لأن القوم كانوا ينبذون للحاج ليشربوا إذا صدروا من منى ينبذ لهم ليلة العاشر، فيبقي يومين أو ثلاثة ثم يردون مكة فيشربون منه وهو غير مسكر، فإذا ثبت هذا فما ليس بمسكر ليس بحرام،