وإني سائل عنه، فإن كان مسكرا حددته، فسأله فكان مسكرا فحده بشراب ليس بخمر.
فأما استدلالهم بأن الأصل الإباحة في هذه الأشربة، وإنما تركنا الخمر لدليل، وبقى الباقي على أصلها فليس بصحيح لأنا قد دللنا أيضا على أن باقي المسكرات محرم فيجب أن يترك الأصل وينتقل إليه، وقولهم هذا مما تعم البلوى به يجب أن يكون معلوما فقد بينا أنه معلوم بإجماع الفرقة، والظاهر من القرآن واستدلالهم بقوله تعالى: تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا.
وقولهم: إن ابن عباس قال: السكر النبيذ، وقد روي عن ابن عباس روايتان: إحديهما السكر الخمر، وكان هذا قبل تحريم الخمر، وتابعه على هذا الحسن البصري وعطاء ومجاهد وقتادة وإبراهيم النخعي وأبو رزين العطاردي.
والرواية الثانية: أن السكر الحرام فيكون معنى الآية تتخذون منه حلالا و حراما، وقال الشعبي: السكر ما طاب منها وهو الطلاء والرب، وروي هذا عن مجاهد أيضا.
وأما أهل اللغة فقد قال أبو عبيدة معمر بن المثنى أستاذ أبي عبيد: السكر الخمر، قال: وقيل السكر الطعم، ومنه يقال " سكر بني فلان أي طعمهم " وكذلك قول الشاعر " جعلت عيب الأكرمين سكرا " يعني جعلت تعيب الأكرمين حتى جعلت عيبهم طعما لك، وقال الفراء: السكر الخمر قبل أن يحرم على أن السكر عند أبي حنيفة نقيع التمر والزبيب - هكذا نقل عنه الحسن بن زياد اللؤلؤي -، وهذا حرام بلا خلاف على قولهم، ولو سلمنا أن السكر من الأسماء المشتركة لوقف الكلام فيها على البيان.
ورووا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: حرمت الخمر بعينها، والسكر من كل شراب.
والجواب أنه روي هذا الخبر موقوفا على ابن عباس فلا حجة في ذلك، ولو كان مسندا لكان قوله حرمت الخمر بعينها لا دلالة فيه لأنهم لا يقولون بدليل