إذا اعترف الرجل بالزنى فلزمه الحد ثم رجع بعد ذلك وقال: ما كنت زنيت فإنه يسقط الحد عنه، وكذلك كل حق لله خالص، كحد الخمر والقتل بالردة والقطع في السرقة، والذي رواه أصحابنا في الاعتراف الذي يوجب الرجم إذا رجع عنه فإنه يسقط فأما فيما عدا ذلك أو الزنى الذي يوجب الحد فلا يسقط بالرجوع.
فأما ما كان حقا لآدمي كحد القذف وغيره فلا يسقط بالرجوع، وقال جماعة:
إنه يسقط، ومذهبنا الأول.
ومن وجب عليه الحد لا يخلو من أن يكون بكرا أو محصنا.
فإن كان بكرا وكان سليما لا مرض به ولا ضعف خلقة، فإن كان الهواء معتدلا لا حر شديد ولا برد شديد جلد، رجلا كان أو امرأة، وأما إن كان الهواء غير معتدل إما لشدة حر أو برد أخر الجلد إلى اعتدال الهواء، فإذا أقيم الحد في شدة الحر أو البرد، ربما أدى إلى تلفه.
وأما إذا كان عليلا لم يخل أن تكون العلة مما يرجى زوالها أو لا يرجى، فإن كان يرجى ذلك كالمرض الخفيف والصداع لم يقم عليه الحد حتى يبرأ من مرضه و كذلك إن كان عليه حد أن لا يوالي بينهما بل يقام أحدهما ويترك الآخر حتى يبرأ، ثم يقام عليه، فأما إذا كان مرضه مما لا يرجى زواله كالسل والزمانة وكان نضو الخلقة فإنه يضرب بأطراف الثياب وأنكال النخل وقال بعضهم: يضرب بالسياط ويجلد، وروى أصحابنا أنه يضرب بضغث فيه مائة شمراخ.
فإن وجب على امرأة حامل الحد فإنه لا يقام عليها حتى تضع لأنها ربما أسقطت، فإذا وضعت فإن لم يكن بها ضعف أقيم عليها الحد في نفاسها، وإن كانت ضعيفة لم يقم عليها حتى تبرأ كالمريض.
وكل موضع قلنا: لا يقام عليها الحد لعذر من شدة حر أو برد فهلك فلا ضمان وقال قوم: يضمن، وإن كان حملا فعليه ضمان الحمل.
وإن كان أغلف فختنه الإمام في شدة حر أو برد فتلف، قال قوم: هو ضامن، و قال آخرون: لا ضمان عليه، والأقوى عندي أنه لا ضمان عليه في الموضعين، لأنه لا